لماذا التفريق بين شهادة الرجل والمرأة ؟
هل فرق الإسلام بين شهادة الرجل والمرأة في كل مجالات الشهادة؟ ولماذا هذا التفريق؟ ألا يعد هذا انتقاصا من شأن المرأة وكرامتها؟
الحل
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
فقد فرق الإسلام بين شهادة الرجل وشهادة المرأة نظرا لطبيعتها الخِلقية وهذه التفرقة ليست على إطلاقها فقد تنفرد المرأة في ما يخص المرأة بالشهادة دون الرجل.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-
باب الشهادة في الشريعة ليس كله مفرقا بين المرأة والرجل ، وإنما ذكر القرآن ذلك في باب المعاملات المدنية والتجارية، وفي مقام استيثاق المسلم لديونه وحقوقه، عندما يريد أن يستشهد على الوثيقة (أو الكمبيالة) شهودا يعتمد عليهم إذا احتاج لرفع دعوى على خصومه.فهنا أرشده القرآن أن يستشهد أولاً بالرجال، لأنهم أقدر على الحضور عند الطلب، ولا يتحكم فيهم أحد من أب أو أخ أو زوج .
ثم إنهم أكثر ضبطا لوقائع المعاملات المدنية ، وتذكرا لها من النساء ، فإن لم يجد رجلين يشهدهما، فليكن رجل وامرأتان، وقد علل القرآن ذلك بضعف ذاكرة المرأة أكثر من الرجل في هذا الشأن من المعاملات، التي لا تهتم المرأة ـ عادة ـ بها كثيرا، بل يغلب عليها النسيان فيها.ولهذا علل القرآن ذلك بقوله : ( أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ) البقرة: 282 .
وهذا لا يعني: تنصيف شهادة المرأة بإطلاق، فقد اعتبرت شهادة المرأة الواحدة في بعض القضايا المهمة مثل ثبوت الحيض والولادة والرضاع وغيرها من شؤون النساء .
وكذلك شهادات النساء وحدهن في باب الجنايات من بعضهن على بعض في المجتمعات التي لا يحضرها الرجال عادة، مثل الأعراس والحمامات، فيشهدن بما رأين، ولا يهدر القضاء شهادتين، حتى لا تضيع الحقوق .
وتقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
الأصل في الشهادة هو الإخبار عن الغير، ولها مرحلتان: مرحلة التحمل، ومرحلة الأداء. كما أن لها مجالات كثيرة منها عقود المعاوضات كالبيوع، ومنها الجنايات والحدود، ومنها الأحكام الخاصة بالنساء كإثبات البكارة والثيوبة والحمل والرضاعة. فبالنسبة لمجال التحمل فإن المرأة تصلح لها في جميع المجالات أي أن المرأة تشاهد الحادثة أيا كانت، ولكن عند الأداء فإنها تختلف باختلاف المجال الذي فيه الشهادة، فإن كانت الشهادة على البيوع وغيره
ا من عقود المعاوضات، وهي كل بدل يقابله أجر فإنها لا بد من شهادة امرأتين بقوله تعالى في سورة البقرة في آية المداينة: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" وقد بينت الآية الكريمة الحكمة من وجود امرأتين، وهي الخوف من أن تنسى إحداهما جزءا من الشهادة فتأتي أختها فتذكرها بما نسيت؛ نظراً لأن هذا المجال يقوم على الحسابات والموازين والمقاييس، والمرأة نتيجة انشغالها ببيتها وأبنائها قد تنسى، ولكن بالنسبة للرجل إذا نسي جزءا من الشهادة في هذه المجالات فإن شهادته تسقط وتبطل، ولا يأتي رجل آخر يكمل له ما نقص منها، وهذا يبين تكريم الإسلام للمرأة في هذا المجال، أما إن كانت الشهادة في مجال الجنايات والحدود كالقتل والزنا فإن الإسلام قد أبعد المرأة عن هذه المجالات التي تقوم على الهتك وسفك الدماء؛ وذلك صيانة لها، أما في المجالات التي تكون الشهادة فيها خاصة بالمرأة فإنه لا يقبل فيها إلا شهادة المرأة حتى وإن كانت واحدة.
والله أعلم