جميع الصحابة او اغلبهم تسابقوا الى الوقف بل لم يبقى صحابي يستطيع ان يوقف الا وكان له وقف أو سهم في وقف
لما قدم المهاجرون إلى المدينة ، استنكروا ماءها , ولم يكن فيها ماء يستعذب إلا بئر أو عين يقال لها ( رومه ) , وكان صاحبها يبيع القربة منها بمُدٍ , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدُلِي المسلمين وله خير منها في الجنة " وفي رواية : " بعين في الجنة " . أتدرون من سبق إلى هذه الفضيلة ؟ لقد سبق إليها السباق دائما إلى الإنفاق عثمان بن عفان رضوان الله عليه ، فاشتراها بخمسة وثلاثون ألف درهم , ووسع حفرها وجعلها للملمين يسقون منها ويشربون بلا ثمن .( أخرجه البخاري معلقاً والإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن خزيمه والطبراني في الكبير والدارقطني وغيرهم ) فرضي الله عن عثمان ذي النورين زوج بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم , ما أكثر أجره , وما أعظم ثوابه ، وما أسبقه إلى الإيقاف
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، أمر عليه الصلاة والسلام ببناء مسجده ، وكان الموقع المختار أرضاً كانت لبني النجار فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا بني النجار ثامنوني حائطكم هذا ـ يعني بيعوه علي بثمنه – فقالوا : لا والله يا رسول الله لا نطلب ثمنه إلا من الله . فأوقفوا أرضهم لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , ( الحديث مخرج في صحيح البخاري ) الله أكبر هنيئا لكم يا بني النجار , فمنذ أن بُني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرضهم إلى يومنا هذا وبنو النجار يأتيهم من الأجر مثل أجر من صلى وتعبد لله في تلك البقعة المباركة ، وسيبقى إلى آخر الزمان
ولما كثُر أهل الإسلام , وضاق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد يخير منها في الجنة ؟ فسارع عثمان رضي الله عنه وأرضاه إلى ذلك وسبق , فاشتراها من حر ماله بخمسة وعشرين ألف درهم ووسع بها المسجد ( أخرجه الترمذي والنسائي وغيرهما وقال الألباني : صحيح لغيره ) , رضي الله عن عثمان , وتباً ثم تباً لألسن وأقلام طعنت في أمير المؤمنين
وكان أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه من أكثر أهل المدينة مالاً من نخل وكان أنفس أمواله بستان يقال له ( بيرحاء ) ، وهو بستان جميل قرب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخله النبي عليه الصلاة والسلام ويشرب من ماء فيه طيب ، فلما نزل قول الله تعالى في سورة آل عمران (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) جاء أبو طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الله تعالى يقول : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وإن أحب أموالي إليَّ ( بَيْرُحاء ) وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله , فضعها حيث أراك الله يا رسول الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بخ بخ ذلك مال رابح , وقد سمعتُ ما قلتَ , وإني أرى أن تجعلها في الأقربين " , فقال أبو طلحة : أفعل ذلك يا رسول الله . فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ) أخرجاه في الصحيحين