الموضوع: لماذ نحب ربنا؟
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 03-04-2008, 10:14 PM
الصورة الرمزية majed27
majed27 majed27 غير متصل
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 1,033
معدل تقييم المستوى: 153628
majed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداعmajed27 محترف الإبداع
Question لماذ نحب ربنا؟


حب الله



سؤال عجيب: أليس كذلك؟!
طرحه يغني عن إجابته، وهل يمكن ألا يحب عبد ربه؟ كيف لا تحبه وكل ما ترفل فيه من النعم والخيرات هديه منه إليك، بلا مقابل؟
وكيف لا يذوب قلبك محبة له، وهو الذي لا زالي يوالي عنك نعمه وإحسانه، حتى قبل أن تولد، وكل ذلك أيضاً بل مقابل؟
فقولي لي أخيتي؟ كم دفعتِ لله تعالى، وقد خرجتِ إلى الدنيا مسلمة، لأب مسلم، وأم مسلمة؟
تخيلي أنكِ الآن قد ولدتِ على غير ملة الإسلام، ترى، ماذا سيكون مصيرك، وأنتِ تعيشي في ظلمات الشرك والكفر ليل نهار؟ فكفى بنعمة الإسلام نعمة تغمر قلبك بحب ربك.
ولا يمكننا أن نحصر تلك الأسباب التي تدعونا إلى محبة ربنا جل وعلا، ولكن ضرب المثال يغني عن طويل المقال، فمن هذه الأسباب:
(1)_ فمحبة الله تعالى هي حقيقة العبودية، التي ما خلقنا الله جل وعلا إلا من أجلها، بل ولأجلها أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وجعل الثواب والعقاب، وخلق الجنة والنار، والدنيا والآخرة.
فما حقيقة العبودية إلا كمال الحب، مع كمال التعظيم، والذل للخالق المنعم، لله جل وعلا، ومن ثم كان من أحب مخلوقاً مع الله، وجعل محبته في قلبه كمحبته لربه، أو أشد منه، واقع في مقام الشرك بربه عياذاً بالله.
((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونه كحب الله، والذين ءامنوا أشد حباً لله)) (البقرة: 165).
وإذا كانت محبة الرسول صلى الله عليه و سلم وهو عبد الله ورسوله، لا تصح لعبد حتى يكون هو صلى الله عليه و سلم أحب إليه من نفسه، وأهله، ووالده، وولده، والناس أجمعين، فما الظن، إذاً بمحبة الخالق العظيم؟!
2- سعادة القلوب بمحبة علام الغيوب:
القلب لا يفلح، ولا يصلح، ولا يتنعم، ولا يبتهج، ولا يتلذ، ولا يطمئن، ولا يسكن إلا بعباده ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل الإنسان جميع ما يلتذ به أهل الأرض من اللذات الحسية، لم يطمئن قلبه، ولم يسعد، ولم يجد للذه طمعاً، إلا في سكرة الشهوات المؤقتة، والتي سرعان ما تنقلب إلى شقاوة وتعاسة بعد انقضاء المعصية.
وها هم الغربيون، قد أطلقوا لأنفسهم عنان الشهوات إلى آخر مدى ولكنكِ تجديهم مع ذلك في شقوة دائمة، وقد ازدادت عندهم معدلات الانتحار، والأمراض النفسية، والاضطرابات العصبية إلى درجة مهولة، وما ذاك إلا لإنهم أشبعوا بطونهم وفروجهم، ونسوا غذاء قلوبهم وأرواحهم من عبادة الله ومحبته، والإنابة إليه، فإن (الله سبحانه جعل كل عضو من أعضاء الإنسان كمالاً، إن لم يحصل به؛ فهو في قلق واضطراب وانزعاج بسبب فقد كماله الذي جعل له.
مثال: كمال العين بالابصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق، فإذا انعدمت هذه الأعضاء القوى التي بها كمالها، حصل الألم والنقص بحصب فوات ذلك، وجعل كمال القلب ونعيمه وسروره ولذته وابتهاجه في معرفته سبحانه، وإرادته ومحبته، والإنابة إليه، والإقبال عليه والشوق إليه والأنس به).
فإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور، ومن اللسان الذي فقد الكلام والذوق، فالقلب لا سبيل له إلى الطمأنينة بوجه من الوجوه، ولو نال من الدنيا وأسبابها، ومن العلوم ما نال إلا بأن يكون الله وحده هو محبوبه، وإلهه ومعبوده، وغاية مطلوبه، وإن يكون هو وحده مستعانه على تحصيل ذلك، فحقيقة الأمر، أنه لا طمأنينة له بدون التحقق بإياك نعبد وإياك نستعين).
3- توالي نعمه إليك مع توالي الإساءة منك:
فإن القلوب قد جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، ولا أحد أعظم إحساناً إليكِ من الله سبحانه، فإن إحسانه عليكِ في كل نفس ولحظة بل أنتِ تتقلبي في إحسانه في جميع أحوالكِ، بل إحسانه إليكِ لا يمكن حده كماً ولا كيفاً.
(فعطاؤه ومنعه، ومعافاته وابتلاؤه، وقبضه وبسطه، وعدله وفضله، وصبره على عبده، وإجابته لدعائه، وكشف كربه، وإغاثة لهفته، وتفريج كربته من غير حاجة منه إليه، بل مع غناه التام عنك من جميع الوجوه، وكل ذلك داع للقلوب إلى تألهه، ومحبته، بل تمكينه عبده من معصيته، وإعانته عليها، وستره حتى يقضي وطره منها، وكلاءته وحراسته له وهو يقضي وطره في معصيته، وهو يعينه ويستعين عليها بنعمه، من أقوى الدواعي إلى محبته.
فلو أن مخلوقاً فعل بمخلوق أدنى شيء من ذلك، لم يملك قلبه عن محبته، فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه، من يحسن إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته؟!
فخيره إليه نازل، وشره إليه صاعد، يتحبب إليه بنعمه، وهو غني عنه، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي، وهو فقير إليه، فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته، ولا معصية العبد ولؤمه يقطع إحسان ربه عنه.
هذا مع غناه التام عنهم، وفقرهم التام إليه، من كل وجه، وفي بعض الآثار يقول تعالى: ((أنا الجواد، ومن أعظم مني جوداً، وكرماً، أبيت أكلاً عبادي في مضاجعهم، وهم يبارزونني بالعظائم)).
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، إنه يشرك به، ويُجعل له الولد، ثم هو يعافيهم ويرزقهم)).
وفي بعض الآثار يقول الله: ((ابن آدم، خيرِ إليك نازل، وشرك إليّ صاعد، كم أتحبب إليك بالنعم، وأنا غني عنك، وكم تتبغض إلي بالمعاصي، وأنت فقير إليك، ولا يزال الملك الكريم يعرج إليَّ منك بعمل قبيح)).
4- يعطيك بلا مقابل:
فكل ما تحبه من الخلق أو يحبك، إنما يريدك لنفسه وغرضه منك، والرب سبحانه وتعالى يريدك لك، فكيف لا يستحي العبد أن يكون ربه له بهذه المنزلة،وهو معرض عنه، مشغول بحب غيره، وقد استغرق قلبه محبة ما سواه؟!
وأيضاً: فكل ما تعامله من الخلق، إن لم يربح عليك؟ لم يعاملك ولابد له من نوع من أنواع الربح، والرب تعالى إنما يعاملك لتربح أنت عليه أعظم الرب وأعلاه، فالدرهم بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، والسيئة بواحدة، وهي أسرع شيء محواً، وأيضاً، فهو سبحانه خلقك لنفسه، وكل شيء خلق لك في الدنيا والآخرة، فمن أولى منه باستفراغ الوسع في محبته، وبذل الجهد في مرضاته.
5- إنه هو الله.
فتحبه جل وعلا لأنه هو الله (أجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، يعطي عبده قبل أن يسأله فوق ما يؤمله، يشكر على القليل من العمل وينميه، ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه، ويسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه كثرة المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يحب الملحين، بل يحب الملحين في الدعاء، ويحب أن يسأل، ويغضب إذا لم يسأل).
يستحي من عبده حيث لا يستحي العبد منه، ويستره حيث لا يستر نفسه، ويرحمه حيث لا يرحم نفسه، دعاه بنعمه وإحسانه، و ناداه إلى كرامته، و رضوانه، فإبى، فأرسل رسله في طلبه، وبعث معهم إليه عهده، ثم نزل بنفسه، وقال ((من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)).
وكيف لا تحب القلوب من لا يأتي بالحسنات إلا هو؟! ولا يذهب بالسيئات إلى هو؟! ومن يجب الدعوات، ويقبل العثرات، ويغفر الخطيئات، ويستر العوارات، ويكشف الكربات، ويغيث اللهفات، وينيل الطلبات سواه؟!
فهو أحق من ذكر، وأحق من شكر، وأحق من حمد، وأحق من أعطى، وأرحم من استرحم، وأكرم من قصد، وأعز من التجيء إليه، وأكفى من توكل عليه.
أرحم بعبيده من الوالدة بولدها، وأشد فرحاً بتوبة التائب، من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه، في الأرض المهلكة، إذا يئس من الحياة ثم وجدها، وهو الملك فلا شريك له، والفرد فلا ند له، وكل شيء هالك إلا وجهه، لن يطاع إلا بإذنه، ولن يعصى إلا بعلمه، يطاع فيشكر، وبتوفيقه ونعمته أطيع، ويعصى فيغفر، ويعفو وحقه أُضِيع.
فهو أقرب شهيد، وأجل حفيظ، وأوفى بالعهد، وأعدل قائم بالقسط، حال دون النفوس، وأخذ بالنواص، وكتب الآثار، ونسخ الآجال، فالقلوب له مفضية، والسر عنده علانية، والغيب لديه مكشوف.
وكل أحد إليه ملهوف، وعنت الوجوه لنور وجهه، وعجزت العقول عن إدراك كنهه، ودلت الفطر والأدلة كلها على امتناع مثله وشبهه، أشرقت لنور وجهه الظلمات، واستنارت له الأرض والسموات، وصلحت عليه جميع المخلوقات، لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه؛ لاحترقت سبحات وجهه ما انتهى إلهي بصره من خلقه.

ما اعتاض باذل حبه لسواه من * عوض ولو ملك الوجود بأسره

التعديل الأخير تم بواسطة majed27 ; 03-04-2008 الساعة 10:17 PM
رد مع اقتباس