لذا يجب على العباد الرجوع والامتثال والاستقامة قبل فوات الأوان قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) .
أيها المسلمون: إن الله تعالى قد جعل لكل شيء سبباً يجلبه ،وآفة تذهبه ،فطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم سبب لجلب النعم المفقودة ،وحفظ النعم الموجودة،أما المعاصي فهي سبب لذهاب النعم ،وحلول النقم ،إذ هي تزيل النعم الحاصلة ،وتقطع النعم الواصلة .
أيها المسلمون: احذروا المعاصي والذنوب ،واتقوا خطرها على الأبدان والقلوب ،وانظروا وتفكروا في ظهور أثرها على الأوطان والشعوب ،فإنها سلاّبة للنعم جلاّبة للنقم ،تورث أنواعاً عظيمة من الفساد ،وتحل أنواعاً من الشرور والفتن والمصائب في البلاد. إن ضررها على الأفراد والمجتمعات، أشد وأنكى من ضرر السموم على الأجسام ،إنها لتخلق في نفوس أهلها التباغض والعداء ،وتنزل في قلوبهم وحشة وقلقا ،لا يجتمع معها أنس ولا راحة
عباد الله: ليس في الدنيا ولا في الآخرة شر ،ولا داء ،ولا بلاء ،إلا وسببه الذنوب والمعاصي
أيها المسلمون: ما نزل بالأمم والشعوب من ذل وهوان ،وآلام وعقوبات وفتن وزلازل ،وما سُلط الأشرار ،وسيطر الفجار وغلت الأسعار وشحت الوظائف ،وكثرت الجرائم ،إلا بسبب الذنوب والمعاصي ،والمجاهرة بذلك من الداني والقاصي وترك الأوامر والنواهي ،فاعتبروا يا أولي الأبصار. قال تعالى: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين
أيها المسلمون: إن المصائب سببها ما تكسبه أيدي الناس من الذنوب ،قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. فمن رحمة الله تعالى أنه لا يؤاخذ العبد بكل ذنب يكسبه، ولكنه يعفو عن كثير ،وكما قال سبحانه: فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم.
وقال تعالى: ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذين عملوا لعلهم
يرجعون.
فيا أيها المسلمون: يقول الله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال. فعلى المسلم والمسلمة أن يتقي الله تعالى ويسعى للإصلاح وأن يحفظ الثغر الموكل إليه حتى لا يتسرب الفساد من بين يديه
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.