<<لانك امي>>>
أمي قصيدة لم أتقن وزن قوافيها يوماً
قصة لم تكتمل فصولها ابداً
نثراً لم أجد كتابته مهما كتبت
ولانها أمي لازلت أحاول كتابتها
أحاول رسم ملامحها ببعض حروف
أمي أجمل معزوفة طرب لها قلبي
هي لاتعرف شوبان وبتهوفن وباخ
ولكنها تجيد العزف بكل رومانسية
أمي لم تقرأ يوماً لنزار وغادة السمان
ولم تقرأ لبدر بن عبد المحسن اوشعراء الجاهلية
لكن أمي ورب السموات أروع ملحمة شعرية
أمي لاتعرف حكمة سقراط ومبادئ أرسطو
لكن الحب هو قانون امي وحكمتها الأبدية
أمي أنثى بكل معنى للكلمة عطورها شرقية
مختلفة ..مميزة ..جميلة ..مثيرة..هي انثى ثورية
لم تعرف أمي مبادئ الثورة ..
لكنها في عشقها ثورية
وفي شرب قهوتها ثورية
وفي دمعتها ثورية
أمي لاتحب سماع الأخبار وتمقت السياسة
لكنها رقيقة حنونة تذرف الدموع على كل طفل يُقتل
وعلى كل فقير يجوع…أمي قلبها ممتلئ بالربيع
لاتبالي بقلوب القساة ولايهمها تشاؤم الجميع
أمي لم تدرس الكثير ولم تتخطى الثانوية
لكنها تاريخ من الحب ..وأسطورة من الحنان
هي لا تجيد عبارات الفلاسفة والمبدعين
ولا تتحدث بلغة الشعراء والخطباء
لكنني أستمع اليها كــ طفل صغير
لان امي فلسفة كاملة للبراءة والانوثة …
علمتني أمي الحب في عينيها في تلك النظرة لوالدي
كنت صغير ربما لا أدرك حينها لكنني كبرت على حبهما
علمتني أمي أكثر من الكتب من الفلاسفة والمعلمين
لانها تتنفس الحب ..فنحيا نحن على أنفاسها …
أمي ..أمي …أمي …أمي
تاريخ من الصبر …تاريخ من الحب
تاريخ من الحنان ..تاريخ من الحزن
في قلب أمي وادي من الأحزان
ولكن في قلب امي ايضاً جبال للتحدي
منذ ستة وأربعين عاما كانت أمي طفلة تلعب في حارتها
تفوق جميع البنات بجمالها …بحنانها …برقتها ..
في شعرها الأسود ..في جمال عينيها وتورد خديها
وكان الزمان يحفظ سرها الاكبر في قلبها
وفي العشرين تزوجت أمي من أبي وصار حبها يكبر
أمي تحيك لي الحنان فلم أشعر في احضانها ببرد الليالي
كانت تسهر قربي حتى أنام
فلم أشعر بالوحشة طيلت حياتي
كانت ترافقني صلاتها الى كل مكان
فتشعرني بالحنان …
أمي ,,,
تبدو في سطوري إمرأة عادية
لكنني منها تعلمت كيف يكون الحب مشاعر ثورية
وكيف تكون الانثى طاغية الانوثة بكل شفافية
وكيف أحيك الحنان برقة ..وبكل رومانسية
أمي تبدو في سطوري إمرأة بسيطة
لكنها علمتني كيف يكون الكبرياء بكل عبقرية
وكيف أمتلك قلب لايعرف الضغينة والكراهية
وكيف أتخطى بحبي ومشاعري الابجدية
مرت على أمي أيام وزمان
ملئها الحزن ..وخط الحزن ملامحه على وجهها الفتان
ولكنها لازالت حلوة ..حلوة ..كـ وشوشات السوسن
وزغاريد شقائق النعمان …
وتباشير الربيع
وتغريد العصافير
وابتسامة الاطفال
ونسائم العبير
ورائحة الارض بعد أمطار نيسان..
هي أمي لم ترض إلا أن تنمو في أرض الحب
ولم ترض أن تلوحها إلا شمس الحب
لذلك أمي أجمل وأرق منبع علمني الحب
ولأن منطق أمي في الحب جنوني
ولأنها تؤمن بأن وردة تخلق ربيع
زرعتني أمي في صحراء ..
أمي نبض ملحمتي ..صرختي ..ابتسامتي ..دمعتي
أمي ريشتي .. وحروف أعجزتني ..
أمي مرفأ أمان مهما أقلعت مراكبنا في كل طريق
لاتزال أمي مرفأنا حين تغرب الشمس فتجمعنا في ابتسامتها كل يوم …
سامحيني أمي …ودعيني أقبل جبينكِ وكفيكِ وقدميكِ
ودعيني أفخر ..وأفخر ..فهنيئاً لي لأنكِ أمي ,,,,
م / ن من مشاعر فتاة أكسبها الله رضى والديها
قال الله تعالى في كتابه الكريم : { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }الإسراء24
وكُنْ لأمك وأبيك ذليلا متواضعًا رحمة بهما، واطلب من ربك أن يرحمهما برحمته الواسعة أحياءً وأمواتًا، كما صبرا على تربيتك طفلا ضعيف الحول والقوة.