دماغيات: الازمات تصنع الثروة ... دخلت باب شريف من أضيق أزقته بدأت الشراء بشكل منظم بالسعر وحسب الاحتياج اذ كنت أطوف حول باب شريف كما يطوف العسس آخر الليل .... سكنت في فندق في نفس الشارع ... وبدأت رحلة تحقيق الذات والانجاز بين أزقة باب شريف وللاسف هذا الباب رغم متانة من شاهده كسوق تجاري الا أنه محشو بالتبن والغش والغش هو سوس التجارة ... تجولت خلال بحثي على شركات استيراد الملابس الجاهزة في سوق شمسان وفي عمارة الحبيب وفي عمارة الكورنيش والمحمل كنت ألبس لبس رياضي وألكن بلكنة الهنود... كان شعري غير مسرح .... وكنت مهلهل اللباس أشعث الذقن التي يكسوها البياض هذا الشعر الابيض هو توقيع الزمان على صفحاتنا فالزمن هو الوحيد الذي يستخدم اللون الابيض في التوقيع تعمدت ألبس رياضي حتى لا أدخل الريبة أو الطمع اثناء جولتي على المحلات ولكي تسهل تحركاتي.... الخطة التسويقية الاستيقاظ لصلاة الفجر 6:15الافطار قلابة أكلة الغلابة ثم كوب قهوة تركية لتجديد النشاط وتفتيق خلايا الدماغ ... 8:00 بداية الجولة وكانت كالتالي دخول المحلات وتقليب ما هو معروض ومناسب ومن ثم الحصول على كرت المحل أقوم بعد ذالك بكتابة ما ناسبني وكتابة سعر الدرزن على ظهر الكرت دون أن أشتري شيء وهكذا إلى الواحدة ظهراً ومن ثم أتناول الغداء على أقرب رصيف عمالي لقهوة شعبية , وأخرج جميع الكروت وأكتب ذلك في ورقة حتى احيان ما أحصل ورقة أتسلل وكما هي عادتي الشقية إلى قسم الشاي في المطعم وانزع غطاء كرتون اللبتون وأفرغ ما في الرأس بالكتابة عليه .... أكتب وأتذكر وأفرز الاجود والارخص وأطلب لي قهوة تركي وأجلس هناك إلى أذان العصر ومن ثم أصلي و تبدأ عملية الشراء وفق ما كتب بالورقة أحاسبهم وأعطيهم اسم شركة النقل لنقل البضاعة وشحنها للمدينة الحنون ثم اعود أدراجي إلى المدينة الحنون ... وقفات : هناك دول لها مستقبل واعد في صناعة الملابس مثل الهند و بنجلادش حيث تمتاز بضائعها بالجودة ورخص السعر ومحاكاة الموضة هذه الموضة التي أقحمتني مجالها لاصبح دماغ دون جون كنت ايامها أدرس بالكلية إنتساب في سنواتي الاخيرة وعلى مقربة من الاختبارات ولا أنسا أبداً هذا الشعور كنت أطلب البضاعة من التاجر وأجلس على أثقل كرتون يتحمل ثقل مذكراتي الدراسية أنتظر البضاعة في فسحة أمل دراسي كان يصرخ وأنا منهمك ومستمتع فيما أقرأ واحفظ من بديع ليقول يا أخ هذي البضاعة اللي طلبت وصلت أضحك اقول له ارسلها مع المخرج للمدينة انا الان طالب ما ني تاجر ... كنت أثناء قيادتي للسيارة في العودة الى المدينة الحنون كنت أستذكر دروسي ....بين فينة وآخرى عين على الخط وعين في أول السطر .... كانت نكهة كفاح مشبعة بنشوة الامل وتحقيق الذات لحياة كريمة لي ولمن أعول ... وكنت دائما بفضل الله امتياز ان لم اكن الاول لم تشغلني تجارتي عن بقية الاهداف وادواري بالحياة . كنت في ايام خلت من شبابي الرفاق يتسامرون مساء الاربعاء وأنا أنام مبكراً بعد العشاء واضبط المنبه عند الثانية ليلاً .... وأخرج بسيارتي قاطعاً قرابة 400 كيلو الى جدة .... أشتري للمحل وعند أذان الظهر أكون في طريقي إلى المدينة الحنون .... أصل بيتي بعد العصر ... أجد الزوجة والابناء في سبات الاجازة الصيفية نيام ... وتستيقظ زوجتي من فتحي للباب وتقول لي بعين مغمضة : محمد أسوي لك فطور ما تدري أني سافرت و أفطرت وتغديت ما تعرف الا من خلال ما أحضرته لهم في رحلتي من هدايا وعطايا تبلل تغليفها بعرق النجاح هذا العرق الذي يزاهي كل عطور ديور العالمية . دماغيات : كنت أتعامل مع أصحاب محلات الجملة بدهاء وفطنة .. عند دخولي إلى أي محل أول شيء أطمع البائع أطلب كرسي أجلس بكذا ضمن دخولي للقفص واني راح اشتري كل ما سيعرضه عليا لكن الغلبان لم يعرف اني تعبان من كثر اللف على المحلات والبحث عن الارخص و الاجود.... وأذكر له اني من عدة ساعات بالسوق بكذا وصلت له الرسالة أني مشيت سهل باب شريف وأوديته وزنقاته وعارف الاسعار لا تضحك عليا . الان عرف اني كشفت السوق وراح اسأله عن اشياء محددة أنا عارف من خلال نظرتي للمحل أنها ما هي عنده ... راح يعرض عليا بضاعة ويدعي ويقسم أيمان أنها الافضل والاحسن ويعيب ما طلبته من اسم او ماركة .... وهذه قاعدة دائما يجب عليك كمستهلك او تاجر أن تعرفها لا تسأل صاحب مصلحة ولا تصدقه مثاله : أردت مكيف كاريرا راح يعرض عليك التاجر مكيف صيني أو هندي ويمدحه لك ويقول لك الكاريرا كان زمان امريكي اما الان فهو كله تجميع ... ويسب ويذم في شركة كاريرا ويدعي أن اعصار كاترينا حطم المصنع ولم يعد له وجود على خارطة الولايات المتحدة الامريكية وان الان كارير الموجود الان مصنعه في دبي ويمدح لك ما عرضه عليك من اسم وماركه ولن يقول لك صيني ابدا لانه سيمرر عليك المعلومة الاولى التي ستلتصق في مخيخك وستثقب جيبك الا وهي الكمبروسر ياباني بس التجميع صيني وعليه ضمان خمسة سنوات و لايقول لك ان الضمان على الكمبروسر فقط ... يبيعك الصيني ويصرف نظرك عن الاصلي ... والسبب هو أن ربحه في الصيني أضعاف ربحه في الكاريرا ... وهو يبحث عن المكسب الوفير دائما لا تصدق صاحب المصلحة ... يعرض عليا التاجر اول ما يعرض اللي ربحه أكثر بالنسبة له وانا أرفض ويعرض الاخر واللذي يليه والذي يليه حتى أشعر بيأسه الداخلي اني راح اشتري منه ساعتها فقط أطلب عند شعوري بإن نفسه أوشك أن ينقطع ...وبينه وبين نفسه يقول هذا ما يبغى يشتري هذا بس يناحلنا ويتعبنا أقول له وهذي بكم يقول : بنبرة ملل بكذا عندما اشعر بالنبرة وحدتها أوافق ... يعطيني سعر رخيص ليثبت لنفسه صحة تخمينه أني ما راح اشتري ويقع المسكين في الفخ واشتري ... واطلب كمية بعد تأكدي مسبق منه إن الكمية موجودة والله بعضهم من هول الدهشة بخيبة حدسه يلف حول نفسه واحيان تكون مشادة بينه وبين اللي معاه في المحل لانتصاري في عملية الشراء على فطنتهم بدهاء تاجر نحتت التجارب الحياتية والتجارية دماغة كما نحتت الرياح جبل طويق... فارتقبوا اني من المرتقبين حظ موفق دمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاغ