الحث على إِكرام الجار والضيف وقول الخير أو لزوم الصمت وكون ذلك كله من الإيمان
خالد بن سعود البليهد
1- عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلُ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ). متفق عليه.
2- عن أَبي شُرَيْحٍ الْعَدَوِيّ قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جائِزَتُهُ، قَالَ: وَما جاِئِزَتُهُ يا رَسُولَ اللهِ قالَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيافَةُ َثلاثَةُ أَيَّامٍ فَما كانَ َوراءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ َعلَيْهِ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت). متفق عليه.
الشرح:
فيه إن إكرام الجار والإحسان إليه من خصال الإيمان. وقد اعتنى الشارع بالجار عناية فائقة وحض على بره وإكرامه مهما كان دينه وصلة قرابته. والإحسان إلى الجار يكون ببذل كل معروف من السلام والسؤال والهدية والعيادة والتشييع والزيارة والمشاركة له في أفراحه وأحزانه. ويكون أيضا بكف الأذى عنه من كل ما يؤذيه قولا وفعلا حسا وعرفا من الشتم ورفع الصوت وسوء الظن وإتلاف المال والمضايقة في المرفق والاعتداء على ولده وانتهاك عرضه وحرمته والظلم بجميع الوجوه. وكلما قرب الجار كان حقه آكد وأعظم من غيره. والإحسان إلى الجار من محاسن دين الإسلام. وقد ورد وعيد شديد لمن آذى الجار وانتهك حرمته. وفيه أن إكرام الضيف من خصال الإيمان التي رغب فيها الشرع. فينبغي للمسلم أن يبذل حق الضيف طيب النفس سمح الخاطر مستقبلا له بالبشر والحفاوة مكرما له من أطيب طعامه. فإكرام الضيف يشمل تقديم الطعام وحسن الاستقبال وطيب المسكن وبالجملة ينبغي على المضيف أن يحرص على تحقيق راحة الضيف وأنسه. والواجب في الضيافة يوم وليلة و اليوم الثاني والثالث فسنة تطوع وما زاد على ذلك فصدقة من الصدقات. وينبغي على الضيف أن لا يحرج المضيف ولا يشق عليه إن كان معسرا أو عاجزا أو لديه ظروف صعبة تمنعه من القيام بالضيافة فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. والكرم والجود من أشرف أخلاق العرب التي أقرها الإسلام ورتب الثواب عليها. وفيه أن حفظ اللسان وصونه عن رديء الكلام من خصال الإيمان. وقد ورد أن الإنسان يحاسب على ما يتلفظ به. والمؤمن مخير بين السكوت والكلام بالخير. وقد دلت النصوص على أن التكلم بالخير أفضل من السكوت عن الكلام مطلقا. ولم يرد في الشرع ما يدل على أن الصمت عبادة يتقرب بها إلى الله وإنما هو وسيلة لحفظ اللسان عن السيئات فالتعبد بالصمت عمل محدث لا أصل له. فينبغي على المؤمن أن يراعي الأحوال في الخطاب فإن كان في الكلام مصلحة راجحة من الذكر والسلام والنصيحة والإرشاد والتعليم وغيره تكلم به. وإن كان في السكوت مصلحة راجحة خشية الوقوع في الكذب والغيبة والنميمة واللمز والخداع والفسوق وغيره سكت ولم يتكلم حينئذ. ولا ينبغي للمؤمن أن يكثر من فضول الكلام لأن ذلك يقسي قلبه ويضيع وقته ويكون سببا في وقوعه في الإثم. وإنما يتكلم بالكلام المباح عند الحاجة لذلك في مصلحته الخاصة والمصلحة العامة مما يتعلق بحق الغير. وحفظ المؤمن للسانه دليل على كمال إيمانه وعقله وورعه وقوة عزيمته. وكثير من الناس يهلك في شهوة لسانه وفتنة القول ولذلك ورد في السنة الضمان بالجنة لمن حفظ لسانه.
خالد بن سعود البليهد
binbulihed@gmail.com
الرياض: في 29/2/1429