حمود ضحية عدم الانضباط
«ما فيه أغلى من حمود»
مدير نظام ساهر العقيد عبد الرحمن المقبل
فجع المجتمع السعودي في المغدور به حمود الميمون ـــ رحمه الله ـــ الذي وقع ضحية الاعتداء على سيارة نظام ساهر، الاعتداء الذي لم يكن الأول ولكنه الأفدح. حاولت أن أقرأ ما في هذه الجريمة من معان عن نبض المجتمع وحالته النفسية، وارتباط ذلك بما يتنازعه من تفاعلات وتحركات اجتماعية واقتصادية، لعلنا نستطيع الاهتداء إلى مكامن الأخطار ومحاولة تصويبها.
في نظري أن المرحوم حمود أحد ضحايا تآكل الانضباط في المجتمع النابع من مصدرين الأول، حالة من الفوضى الفكرية، حيث لم يستطع المجتمع حتى الآن إيجاد التوازن الصحي بين التطور المادي الذي يغلب عليه الاستهلاك، وبين المعنوي المرتبط أساسا بالمقومات الحضارية في التصرفات والسلوك، فهناك فجوة مؤثرة بين القدرات والمقدرات المادية، وبين الوعي التدرجي المصاحب لبناء مادي طبيعي، وهذا لم يحدث في المملكة بسبب أن الثروة طارئة، وليس للإنتاجية دور حاسم في تكوينها. الثاني، أن نظام ساهر وبسبب كفاءته الفنية وعدم تدخل الإنسان غير المتطور معنوياً، سبّب مفاجآت وحرجاً في مجتمع لم يتعود على الانضباط. فأصبح نظام ساهر الانضباطي غير القابل للفساد نشازاً في مجتمع غير منضبط. فحتى في قطاع المواصلات يعرف المواطن أنه في نواح عدة لا يوجد نظام يواكب نظام ساهر مثل مواقف السيارات، وتكاثر السيارات المنتهية الصلاحية في الشوارع، وقبول حمل الركاب في سيارات غير مخصّصة، وإيقاف السيارات على الطرق السريعة، وتكاثر ما يسمى المطبات الصناعية. مجمل هذه المظاهر تجعل من نظام ساهر نشازاً مزعجاً ومرتفع التكاليف، في نظر الكثير على الرغم من الحاجة الماسة التي لا تقارن بثمن.
ما الحل؟
في المقام الأخير جميع الأمور مترابطة وما هذه الهجمة والتحريض على نظام ساهر إلا تعبير عن ضعف النموذج التنموي لدينا. فالمدن المزدحمة، واسترخاص الوقود، وسعة الشوارع، والتغاضي عن جودة المركبات، والتنازل عن قيمة المواقف، وفقدان النقل العام، تعبيرات واضحة عن ضعف في ترابط السياسات التنموية. ومهما عمل نظام ساهر، وقد عمل الكثير، إلا أنه لن يستطيع أن يجعل نظام المرور في المملكة عصرياً وحديثاً.
الحل في نظري في ثلاث خطوات: الأولى هي عدم التراجع في الحاجة إلى الانضباط والسعي حثيثاً إلى الإسراع في الاهتمام بكل ما يخص المركبة، الثانية هي الشفافية في النموذج المالي والاقتصادي لكي يعرف الجميع مدى التكلفة والمصالح والعائد على نظام ساهر والنظر في إمكانية طرحه للعامة، فالاحتكار وحجب المعلومة يسهمان في فقد الثقة بـ "ساهر". الثالثة تغيير الخطاب الإعلامي والذي بدأ وكأنه اعتذاري، ودائما ما يقارن بالدول الأخرى وكأننا في شك مما نقوم به لحماية الناس والأملاك. علينا ترجمة غلاء حمود في مزيد من الانضباط على جميع الأصعدة.
فواز حمد الفواز