المواطنة .. حين لا يتم التفريط فيها
تعزيز حس الانتماء للوطن والولاء له مشترك بين المواطن نفسه وبين القيادة.. فإذا كانت القيادة هي في الأساس الساهر على مصلحة الوطن والمواطن، فليس منتظراً من المواطن إلا أن يكون هو العنصر الزكي النفيس الذي لا تتأكد فيه هاتان الميزتان إلا حين يكون منذوراً لما هو أزكى وأنفس وهو الوطن.
بهذه العلاقة الوطيدة بين القيادة والمواطنين يظل الحرص أبداً على حس المواطنة في أسمى معانيه هو جوهر ما تستشرفه الدولة بقرارات وإنجازات في سبيل أن يظل المواطن مرفوع الهامة، مطمئن الفؤاد، مملوءاً بالثقة والاعتزاز بأن قيادته تشمله بالرعاية والعناية سواء في تحسسها لكل مَن لديه قلق تجاه وضع حقوقي يتصل بهويته وانتمائه لهذا البلد الأمين أو لأبنائه.
المملكة بقيادتها.. ترى الولاء للوطن والانتماء له مما لا ينبغي أن يكون منقوصاً، أي أن تكون ''المواطنة الحقة'' محل كل تكريس في القول والعمل.. فليس في عرفها ''مواطن مع وقف التنفيذ''، بل مواطن مصون بحرمة المعتقد وسيادة الدولة.
ومن هنا يمكننا فهم وتقدير التوجه الكريم لخادم الحرمين الشريفين، في قرار مجلس الوزراء القاضي بشمول فئات جديدة لبرنامجي ''حافز'' و''نطاقات'' من أبناء وبنات السعوديات المتزوجات من أجانب، وفئة مَن هم في حكم السعوديين من ''أبناء القبائل النازحة'' ممّن يحمل بطاقات الهوية لخمس سنوات، وبأن هاتين الفئتين ستعاملان معاملة السعودي في برنامج ''حافز''، وكذلك برنامج نطاقات في نسبة السعودة، حتى وإن لم يكن لدى الواحدة بطاقة أحوال، وأن العمل جارٍ حالياً على وضع صفحة خاصة بتسجيل أبناء وبنات الأمهات السعوديات المتزوجات من أجانب، وسيعلن عن ذلك مطلع هذا الأسبوع بهدف إحصائهم باعتبار أنهم شملوا مباشرة ضمن قرار مجلس الوزراء في برنامج حافز''.
وكان صندوق الموارد البشرية قد أعلن الأسبوع الماضي، استكمال 700 ألف باحث عن العمل شروط برنامج حافز، إذ يحق لهم إعانة مقدرة بألفي ريال، وهو ما يشير إلى أن إجمالي المبلغ المقدر صرفه للمستفيدين يصل إلى 1.4 مليار ريال شهريا، ومن المتوقع أن تزيد أعداد المسجلين المستكملين لبياناتهم، ما قد يرفع إجمالي قيمة الإعانات بما يزيد كثيراً على هذا المبلغ، صندوق الموارد البشرية حدّد 12 شرطاً لمعايير الاستحقاق للحصول على إعانة برنامج حافز، وجاء من ضمنها ألا يكون طالباً أو متدرباً في أي مرحلة من مراحل التعليم أو التدريب.
إن هذا الإجراء الذي تم أخذه مأخذ التنفيذ درس في رعاية مناقبية من قيادة ليس في عرفها مواطنة منقوصة دائماً، بل مواطنة حقة.. وبأنها لا تفرط في حشد كل دعائم هذه المواطنة بأسسها الروحية المعنوية، وفي الوقت نفسه بأسسها المعيشية المادية التي تؤمّن للمواطن مصدر الدخل وتفتح أمامه أسباب الحصول عليه، كما تكفلها له حين يتعذر عليه وقتياً الحصول على فرصة عمل لأسباب قد تتصل بتعليمه وتأهيله أو لأسباب قد تتعلق بعجزه صحياً عن العمل.
هذا موقف استراتيجي في التنمية الاجتماعية السعودية يتجه إلى أنفس وأزكى ركائزها، كما قلنا، وهو المواطن أينما كان وحيثما وكيفما يكون.. فإذا كانت الخدمات التنموية والبرامج والمشاريع تشمله وكانت مظلة الأمن تظله، فالقيادة معهما ولأجلهما حريصة على استقرار جميع مواطنيها وتمتعهم بنعمة العيش الكريم مكفولاً بسياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية ساعية إلى أن تكون القدرات الوطنية البشرية دون عطالة أو بطالة أو إعاقة عن المشاركة في صُنع ملحمة الحاضر والمستقبل لهذا الوطن بروح مواطن هو عندها محور التنمية والمستفيد الأول من ثمارها، وأنها تريده وتدعمه دائماً لكي يظل متقد الحماس للعطاء بوجدان صادق وعقل ثاقب وساعد لا يكل عن البناء لمعارج التقدم والرقي.