أنتَ غيرُ جديراً بتربية ابنك !!!
كم من شخص في مجتمعنا غير جدير بتربية ابنه! حيث يعتقد كثير من الآباء أن التربية تعني توفير المأكل والملبس والمَشرب، وتوفير آخر ما استُجدَّ من أجهزة الهاتف النقال .... (بلاك بيري، آي فون4، جلاكسي إس 2..).
تلك المُهمة قد يقوم بها أي شخص غير الأب ممن هو على صلة بالعائلة!
بالمناسبة، هذه العبارة قيلت لرجل سعودي مُبتعث في إحدى الدول الغربية للدراسات العليا.
والحكاية قصها عليّ قريب وصديق، وتفاصيلها أن ذلك الشخص ذهب بابنه إلى أحد المستشفيات حينما انكسرت يده، وشُجَّ رأسه مرتين خلال أيام متقاربة، فقيل له: لو أتيتنا مرة ثالثة بولدك وهو على هذه الحالة فسنأخذه منك ونعطيه إحدى الأُسر التي حُرمت من الإنجاب؛ لأنك غير جدير بتربية ابنك! فقال ذلك الأب: مهما حصل لابني في المرة القادمة فلن أذهب به للمستشفى، وسوف أعالجه في البيت!
بطبيعة الحال لا نتفق مع كونهم يأخذون منه ابنه بتلك الطريقة؛ فـ"الضنا" غالٍ كما يُقال، ولكن أن يكون الإهمال في حق الأبناء بألاَّ يعرف بعض الآباء ابنه في أي سنةٍ دراسية! أو لا يعرف المدرسة التي يتعلم فيها ابنه! فهذه من نكبات التربية الحديثة، التي أنتجت لنا عَينة من أولئك الآباء الذين لا يفقهون شيئاً في أُسس التربية، ولا يفقه أحدهم تعليم ابنه في صغره الأدب والاحترام وتعويده على أداء شعائر دينه مُبكراً؛ لحديث "مُروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ، واضربوهم عليها لِعَشر"، وكما قال الشاعر العربي (أبو العلاء المعري):
مشى الطاووسُ يوماً باختيالٍ.. فقلد شكل مشيته بنــوه
فقال: عَلامَ تختالون قالوا.. بدأت به ونحـن مُقلــــدوه
فخالف سيرك المعوج واعدل.. فإنا إنْ عَدلت مُعدلـــوه
أما تدري أبانا كل فــــــــرعٍ.. يُجاري بالخُطى من أدبوه
وينشأ ناشئ الفتيــــان مِنَّــا .. على ما كان عـــوَّده أبــوه
ويُقال إن الطفل إذا عاش في جو من التشجيع يتعلم الثقة بالنفس، وإذا عاش في جو من النزاهة يتعلم الصدق، وإذا عاش في جو من التحمُّل يتعلم الصبر، وإذا عاش في جو من المشاركة يتعلم العطاء والكرم، وإذا عاش في جو من الإنصاف يتعلم العدل، وإذا عاش في جو من الإحباط والعُنف يتعلم العدوان!
وخِتاماً.. ذلك يكون في الصغر، أما في الكِبر بالبلدي أو العامية يُقال "إذا كبر ابنك خاويه".
ومع الأسف، يتحول شعار بعض الآباء "إذا كبر ابنك عاديه!". وذلك حينما يكبر ويصبح في سِن المراهقة أو الشباب؛ حيث لا يعرف بعض الآباء الطريقة المُثلى في التعامل مع مرحلة كهذه؛ فتحدث فجوة بين الآباء وأبنائهم، قد لا يمحوها الزمن. والله الموفِّق لكل خيرٍ سبحانه