حاجتهم للمال دفعتهم إلى تحمل مشقة السهر وعناء التعلم
سعوديون «عصاميون».. 17 ساعة بين واجب العمل ودفاتر الدراسة
لم تمنع حاجتهم الماسة للمال من العمل والدراسة معاً، ففي الوقت الذي يقضون فيه أوقاتا طويلة ما بين دراسة وعمل تصل أحياناً إلى 17 ساعة يومياً، إلا أن ذلك لم يثنهم عن الاجتهاد من أجل نيل الشهادات الدراسية في المراحل كافة.
هؤلاء هم "شبان الظروف القاسية" الذين ساقتهم أقدارهم ليصطدموا بواقع ضغط العمل والدراسة معاً، وحيث إنهم يحتاجون إلى وظائف تكفي حاجتهم عن السؤال، إلا أنهم أكدوا أن ساعات العمل في الوظائف المؤقتة بالقطاع الخاص مرهقة جداً، وتعطل مسيرتهم الدراسية، خاصة في ظل وجود عنصري الطموح والكفاح لديهم.
يقول لـ"الاقتصادية" (ح . ز) طالب بالصف الثاني الثانوي في إحدى المدارس الثانوية الكبرى بمحافظة الطائف-، إنه يبدأ ساعات العمل كل يوم في إحدى الأسواق التابعة لإحدى الشركات بوسط الطائف عند الساعة الرابعة عصراً، وينتهي عمله عند الساعة 12 ليلاً، أي بمعدل ثماني ساعات يومياً، في الوقت الذي يخرج فيه من مدرسته عند الساعة الواحدة والنصف ظهراً، مشيراً إلى أن ظروفه الأسرية والمعيشية حتمت عليه الالتحاق بوظيفة في إحدى مؤسسات القطاع الخاص، براتب شهري لا يتجاوز 1500 ريال، مواجهاً كل ما بها من سلبيات أثرت بشكل كبير في مسيرته الدراسية، وأوضح أنه لا يجد فرصة كبيرة سانحة لاستذكار دروسه طيلة أيام عمله، نظراً للثماني ساعات التي يقضيها في العمل بعيداً عن أجواء الدراسة والانتظام فيها، والالتزام بمواعيد الحضور مبكراً إليها، ولفت إلى أن ساعات العمل يتخللها يوم واحد للراحة بحسب اتفاقه مع صاحب المنشأة، إلا أنه ألمح إلى أنه لا يكفي لتغطية الوقت المستحق لدراسته.
فيما يشير شاب آخر (فَضَّل عدم ذكر اسمه) إلى أن ساعات عمله الطويلة تحرمه من حياته الاجتماعية، حيث نهاره في المدرسة فيما الليل يقضيه في إحدى الشركات التي يتقاضى منها مبلغ ثلاثة آلاف ريال، لافتاً إلى علم الشركة بأنه طالب، لكن ذلك لم يشفع له في تخفيف ساعات العمل، وقال إن العمل المسائي مرهق، خصوصا إذا تزامن مع دراسة صباحية، حيث تذهب 17 ساعة ما بين دراسة وعمل فيما يتبقى للأسرة والنوم، مشيراً إلى أنه يعوض ذلك في إجازات نهاية الأسبوع. ويرى أن العمل إذا كان العائد منه مجزيا يعوض التعب والإرهاق الذي يعانونه، حيث أجبرتهم ظروفهم على العمل المسائي من أجل سد حاجتهم المادية، مطالباً الشركات التي تضم موظفين طلابا تخفيف ساعات العمل حتى يتمكنوا من أداء مهامهم الوظيفية على أكمل وجه.
من جهته، أكد لـ"الاقتصادية" علي الشمراني مدير مكتب العمل في مُحافظة الطائف، أن ساعات العمل الطويلة المتمثلة في (ثماني ساعات يومياً) تشكل للطالب صعوبة وعبئا في الدراسة، مشيراً إلى أن مكتب العمل لديه برنامج صيفي للتوظيف، وليس لديه برنامج للتوظيف التلقائي الجزئي المؤقت، الذي يتم مباشرة بعقد عن طريق مالك المنشأة.