عذراً على التأخير فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم ...
كان أمس الجمعة مشرب زوجتي وعائلتي الذي أمنحهم يوماً بأكمله متحنثاً في محرابهم السرمدي...
دماغيات :
إسمح لي أن أعرفك بنفسي إسمي دماغ ولدت في المدينة الحنونة
كان أول صوت أسمعه في هذه الدنيا صوت مقص الطبيب حين قطع حبلي السري.....
ومن يومها وأنا أعشق صوت المقص....
تربيت في عائلة فقيرة كانت أمي رحمها الله تخيط الملابس لنسوة في المدينة ...
كنت كلما أعلنت تمردا او صراخ وانا ذاك الرضيع كانت رحمها الله تضعني على ميناء ماكينة الخياطة ... كان صوت أزيز الماكينة يسكن كل متحرك ... وأنام ...
ومن يومها وانا قلبي معلق في أزيز وهزيز المكينة فقد كانت مهد طفولتي ....
كانت تمثل لي أضخم مدينة ألعاب فقد كانت الماكينة أرجوحتي ...
كم وكم
فردت الاقمشة في صغري من الاعلى الى الاسفل كي أنعم بالتزحلق من أعلاها...
حتى تضاريس وجهي الطفولي ...
لم أشهدها في المرآة بل في المقبض الفضي للماكينة...
كان يظهر صورتي مضخمه ....
كنت أضحك وأنا أشاهد نفسي ...
ضعف بصر أمي رحمها الله من السهر على ماكينة الخياطة من أجل حياة كريمة لنا ...
كانت تناديني بين الفينة والاخرى
دماااااااااااااغ تعال ألضم لي الابرة في سم الخياط ....
لذا كنت لا العاب كثيرا بالشارع بل كانت ديمومتي القرب منها لمساعدتها
كنت أعبث بالمقص رغم ثقله بين أناملي الطفولية ....
كم وكم قصصت ما أرتديه من رث الملابس...بعبث طفولي غير مدرك مقدار التعب الذي تكبدته أمي من أجل شراء ما ألبسه....
كانت الماكينة بالنسبة لاسرتي
كما تمثله البقرة للهندي
والجاموسة للمصري ...
كانت ملاذ أأمن من الفقر إلى الكفاف....
كان من مشاريعي القديمة الاثرية والحديثة حداثة أبدية
محلات خياطة الزي الرجالي ...
وقد تعلمت منها الكثير الكثير
كان أهمها
الصبر
وتحمل المشاق
والتنافسية
والتميز
ومواجهة اعداء النجاح
....
بدأت بمحل خياطة الزي الرجالي بإمكانيات بسيطة جداً جدا كان هدفي أكبر ولكني قررت أن أدخل هذا المجال كدرويش حتى أكبر به وأتعلم خفاياه
رغم أني أستطيع البدء بما أضمرته في داخلي من هدف رسمت له صورة ذهنية ولكن من بداية السلم ... لا اقفز فتكسر رقبتي ويتفتق دماغي
دعوني أخبركم يا سادتي الاكارم بعضاً من أسرار وخفايا هذه المهنة وانا هنا لا أحدثكم حديث الالة حاسبة لقلم الرصاص ...
بل أحدثكم حديث دماغ عصرته التجارب حتى أصبح يرى ما وراء الهدف ... بحمد الله وتوفيقه لي...
دماغيات :
إن كنت ترغب الذهاب إلى جدة ليلااً بسيارتك هل ترى كامل الطريق الذي أمامك من خلال أنوار السيارة بالتأكيد
لا
سترى فقط من خلال أنوار السيارة مسافة 50 متر او 100 متر ...
لكنك بالتأكيد تعرف أنك ستصل باذن الله إلى هدفك ...وحتى وإن لم ترى كامل الطريق لانك تعرف وجهتك وقبلتك التي انت موليها ..........
النجاح حليفك وستصل بإذن الله وتوفيقه ....
لكن إستخدم بوصلتك وتوجه و لاتقف
فإن انت توقفت عن التحرك للامام ركلك من هو خلفك
التجارة في مجال الخياطة تعد مزدوجة التصنيف فهي خدماتية وسلعية بنفس الوقت ...
و نشاط الخياطة هذا تستطيع ان تجزم بانه من اكثر الانشطة المحتكرة وبالذات من قبل الباكستانين
حتى أن الهنود واليمنى يعتبروا دخلاء على هذه المهنة ....
فتحت المحل وكانت من اكبر أخطائي اني بدأت دون عمالة على كفالتي اذ تأخر الاجراءت جعلني
اتسرع والطمع في الربح جعلني أحضر من لا يعرف ومن لا اعرف....
مما ساهم في خسارتي غير أني وبفضل الله وتوفيقه وبعد تعمق في هذا النشاط استطعت ان يشار لي بالبنان من قبل خصومي قبل عملائي....
محل الخياطة غير مكلف
ماكينة جوكي صيني 1200 ريال
ماكينة حبك صيني 300 ريال
مكبس 400 ريال
مقص الالماني مقاس 14 ب150 ريال
مقص ياباني مقاس 10 ب 80 ريال
طاولة قص 250 ريال
طاولة عرض 300 ريال
مونكان مجسم عرض مقاس 35 تجده ب120 ريال عدد 2 ب240 ريال
أجار محل حسب الموقع وهو نصف سنوي
لوحة تبدأ من 400 ريال إلى 2000 ريال
ديكور وانصح بالجبس والمرايا حسب المساحة
أهم شيء في محلات الخياطة الاضاءة
ا
مبروووووووووووووك الان عندك محل
الاقمشة يحضر لك مندوبين أقمشة يعطوك طاقات أقمشة والتحصيل كل اسبوع مائتين ريال .. وتحدد له يوم في الاسبوع ....
من الاخطاء التي ارتكبتها جعل الماكينة والمكبس داخل المحل وهذا غلط
حيث يرغب اغلب الخياطين بالعمل داخل بيوت شعبية او بدرومات على صحن الفلفل ونغمات الاغاني الهندية الحزينة ...
كنت أعتقد مثل أغلب الناس أن الخياط الكبير في العمر صاحب خبرة وكنت أسعى دائما
لعمل ثيابي عندهم ...
والصحيح يا سادتي الاكارم هو التالي :
لكل مهنة متاعب نفسية فهذا الطيار بعد رحلات طياران لمدة عقدين من الزمن يصاب بمرض الزهايمر (( الشيخوخة المبكرة ))
وكذاك طبيب التخدير بعد عقدين من العمل في غرف العمليات يصاب بالاعصاب من شدة تعرضه لمادة البنج إن هو خرج خارج غرف العمليات ...
كذالك هو الخياط وبالذات حرص الخياطين على العمل داخل بيوتهم في عزلة تامه وشدة تركيزهم على مجرى الابرة ولون القماش الابيض يصاب بالاعصاب كون الخياطة عملية شدة أعصاب اولا وإتزان لمجرى الابرة والقماش حتى لا يصاب باعوجاج ... مما يجعل الخياط في مراحل عمرية
حقيقة وعن تجربة يصاب بامراض نفسية إضافة إلى ضعف البصر ...
وقد التقيت بخياطين وتعاملت معهم حقيقة وجدتهم أقرب ما يكونوا للجنون منه للعقل ...
ما يجعل الباكستانين يملكون زمام هذه المهنة كونهم أهلها منذ القدم وفي صباهم وفي بلدهم تعد الخياطة مهنة يحرص الاباء على تعليمها للاحفاد قبل الابناء ....
وايضاً كثرة من يرتدي عباءة شليويح في بلدي ويمثل دوره في بيع الفيز على الباكستانين جعلهم يحضرون مهرة من الخياطين يمارسون الخياطة داخل بيوت مغلقة عن العالم الخارجي ...
حتى أني ألتقيت باحد الخياطين وقد أمضى بالسعودية ما يقارب 40 سنة والله لا يجيد أن يجمع جملة عربية صحيحة لانه في معزل منهمك في عمله داخل البيت الشعبي .....
فالخياطين وكما تعلمت أجعله يعمل معي بالكثير 8 سنوات وأقول له مع السلامة
خروج نهائي
لان قواه العقلية شبه منهاره ...
ونصيحتي لمن يريد إستقدام خياط أن يحرص على أن يكون الخياط شباب
لان الشباب متجدد ومتطور ونظره ممتاز ...
وهو مقبل على المهنة بعكس الكبير في السن فانه مدبر عن المهنة
مثاله:
كنت في البيت قالت : لك أختك أوصلني المكان الفلاني
وانت انت القديم بالسواقه
راح تقول لها : ما في حيل
راح يفرح أخوك
حديث عهد بالدركسون والسواقه
ويقول : هات المفتاح أنا أوصلها
هكذا هي الخياطة
ثم أن الكبار بالسن يعيبهم التقليديه في العمل وعدم الاطلاع على الجديد من الديزاين
وايضاً وهو الاهم يعيبهم العناد
تقول له للكم : أريد هنا
يقول لك : لا هنا أحسن هنا ما فيه كويس
الخياطين الكبار يا سادتي الاكارم
يأخذون مقاسك ولكني يعملون ما يرون هم ....عناااااااااااااد
كل الخياطين الذين أحضرهم أهم شرط العمر لايزيد عن 23 سنة
وهذه المهنة هي أول مهنة ستنقرض كون الصين والجاهز تفشى بين الغني والفقير
و عدم رغبة جيل البلاك بيري التكنلوجي على مستوى العالم في تعلم هذه المهنة ساهم في تقلص أعداد الخياطين ...
كان لدي خياط اسمه منصور باكستاني عمل لدي كوني كنت أعتنق فكرة العمر 60 سنة
وخبرة 45 سنة في الخياطة
وهذا من أكبر الاخطاء إرتكاباً ....
كان لا يحب الخياطة في المحل مما يعني ان احضر شخصين وهذا هو الصحيح
شخص في الاستقبال يأخذ المقاس ويقص
والخياط في البيت يخيط ما يحضر له
الذي في المحل يكون راتب ويعطى على الثوب مبلغ محدد مثلا راتب 1200 ريال
وعلى اقناع الزبون والقص 10 ريال ...
والذي في البيت يخيط يحاسب كل عشرة ايام على القطعة
الثوب العادي 15 ريال الى 20 ريال
التطريز يأتي إلى محلك شخص يأخذ القماش المراد تطريزه حسب نوع التطريز وتتراوح اسعار التطريز ما بين 20 ريال الى 80 ريال
طبعا التطريز يحاسب عليه الخياط الذي في البيت ب 20 ريال لصق
والموديلات وهو ما يعرف بالقيطان او الشرائط يعطى عليها الخياط 25 ريال
السراويل 7 ريال دون جيوب او سسته
12 ريال بجيوب وسسته
القمصان يحاسب عليها الخياط بسعر 15 ريال
هذه أجرة خياط البيت مع عشرين كيلو فلفل ....
طبعاً واجهت حرب من قبل الباكستانين كوني سعودي دخيل على المهنة
بعد الانتهاء من الثوب يحضر خياط العراوي والزراير لاستلام الثياب وعمل العراوي والزراير
وكوني سعودي كل ما احضرت شخص منهم للتعامل معه يرفض ويقول بعيد
مع انه يأتي لمن هم ابعد مني من بني جلدته
ولكنها ضريبة النجاح
حتى ان جاء احدهم للمحل تحدث مع الخياط واتهمه بانه ليس قومي كيف يرضى ان يعمل اجير عند سعودي ويقولون له نحن نسكنك ونحضر لك ماكينة خياطة بس اترك العمل عند السعودي هذا
وبالفعل
هذا ما كان يحدث
حتى اني في اوقات الموسم او غير الموسم لا اجد من يخيط لي ثياب الزبائن الذين استلمت منهم العربون واعطيتهم موعد ....
كل ذالك من أجل أن أنسحب و لاأنافس ... حتى أن بعضهم إن أعطيته الثياب لخياطتها ينقص او يزيد في الاطوال متعمد لشيء في نفسه ...
أنسحب منصور من المحل وكنت دائما النظر إليه عندما كان يأخذ المقاسات من الزبائن ....
والله ثم والله بعد أنسحابه من المحل لم أقفل محلي كما كانوا متوقعين بل وقفت وانا صرت أأخذ المقاس من الزبون ...
وكان الزبائن يتعجبون ....
وكنت أذهب به لشخص يقص ويخيطه بنفس الوقت ... وكانوا يأخرون عملي إن هم قبلوا عمله...
والله ثم والله كنت أدور المدينة بحثاً عن محلات العراوي والزراير والله كان الباكستانين يقولون لي بكره وابن جلدتهم يعمل له ما يريد وهو يشرب كوب الشاهي....
او كانوا يقولون لي الماكينة خربانه ...
وانا اعرف انها تعمل
كنت ابحث عن مطرز واعرف بيوتهم والله ثم والله كانوا يقولون لي الماكينة خربان انا ما فيه صلح
او بعد عشرة يوم
كانوا يمارسون علي كل انواع التطفيش ...
كان مندوبي الاقمشة لا يحضرون لي الا الاستوك الذي لم يتم شرؤه من قبل بني جلدتهم
ومع هذا كنت أذهب واشتري كااااااااااااش من محلات الاقمشة وحينما يرون ا ما احضرته من اقمشة ملأت المحل كانوا يذمون ما اشتريته ....
وانا من كان سيعطيهم كاااااااااش
لكنهم شعوبيين عنصريين ....
بعد فترة من مخاض التجربة منحت فيز واحضرت العمال وكما ذكرت لكم كانوا لا يتجاوزن 23 سنة
كانوا مقبلين على المهنة
مبدعيين بكل ما تعنيه الكلمة
متجددين ... طبعا ليسوا من باكستان ...بل من الهند ومصر واليمن
وكلهم تم إحضارهم عن طريق جمعيات الايتام في بلدانهم
كوني أولا أبحث عن حاجة العامل إن كان وراءه مسئولية جلس معك واراحك في العمل
أما إن كان لا يحمل مسئولية فإنه لايوجد لديه ما يخسره ...
وانا أوصي كل من يرغب باحضار عمالة للعمل أن يكسب الاجرين أجر كفالة اليتيم وأجر العمل الدنيوي....
فإنك إن أنت عملت عمل الاخرة جائتك الدنيا تركض تحت قدمك ....
واحضار الايتام سهل جدا كل ما عليك هو البحث عن الجمعيات الخيرية في البلدان الاسلامية وهم مدربون تدريب جدا جدا ممتاز إذ يعنون بتدريبهم وتعليمهم لمهن تنفعهم في حياتهم العملية...
احضرت العمال متنوعي الجنسيات متعددي الثقافات والمعارف حتى يتعلم بعضهم من بعض و لا يقوم بانقلاب علي كصاحب عمل .....
فارتقبوا إني من المرتقبين
حظ موفق
دمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا غ