حافز للعمل.. لا حافز للبطالة
في التصريح الذي كشفت فيه وزارة التجارة والصناعة عن إلغاء 1049 سيدة أعمال ومستثمرة سجلاتهن التجارية منذ بداية العام الجاري بغية الاستفادة من إعانة العاطلين على الأرجح، التي يشترط لها عدم وجود سجل تجاري للحصول على الإعانة، فإن هذه الظاهرة غير المسبوقة في إلغاء السجلات التجارية بصورة جماعية لا ترجع إلى الخسارة أو عدم الاستفادة من السجل بقدر ما ترجع إلى سببين في الغالب، هما: أن تلك السجلات المطلوب إلغاؤها ليس للسيدات والمستثمرات منها سوى الاسم فقط، وأصبحت عائقا في سبيل الحصول على إعانة، فيجب إلغاؤها، أما السبب الآخر فهو أن هناك تسابقاً غير محمود للحصول على إعانة العاطلين حتى مع وجود فرص للعمل والكسب المشروع، وهو أمر محتمل، خصوصاً مع ذلك العدد الكبير للمتقدمين للحصول على هذه الإعانة، التي يفضلها بعض الناس على العمل.
إن التسابق للحصول على الإعانة لمَن لا يستحقها ليس ظاهرة صحية على الإطلاق، بل إن ديننا الحنيف يشجع على العمل والكسب والإنتاج، وإذا كان بدل البطالة متعارفا على أنه التزام على الحكومات، فإنه مرتبط بشكل مباشر بعدم توافر فرصة للعمل، كما أن ما تقدمه أي حكومة في أي دولة للعاطلين لا يمثل سوى حد الكفاف ليستطيع العاطل البحث عن عمل والتحرُّك من أجل الوظيفة الملائمة، وليس الاتكاء على بدل البطالة واعتبار ذلك مصدرا دائما للدخل.
ما نخشاه ونتمنى أن يكون غير واقعي هو أن يجد بعض الشباب والشابات في ''حافز'' ما يحفزهم على الانضمام إلى قائمته والانتظار فيها لأطول فترة ممكنة، في حين أن بإمكانهم - لو أرادوا - خلق فرص للعمل المهني أو التجاري، فالسوق زاخرة بالفرص لمن أراد أن يكوِّن نفسه، وأن يبدأ نشاطا خدميا، وهو غير مكلف من حيث رأس المال وتكاليف التشغيل لمحل متواضع يبدأ منه الشاب أو الشابة أول خطوة في سبيل بناء مصدر دخل ثابت، بل قابل للزيادة والتوسع، فكثير من الأسماء التجارية في بلادنا بدأت من الصفر واستطاعت بالعزيمة والإصرار والرغبة في تحقيق الطموح أن تصل إلى القمة، وأن تحافظ على ما أنجزته، فضلاً عن أنها أسست منشآت لا تزال قائمة إلى اليوم، وبعضها تُعَدُّ من أركان الاقتصاد المحلي في المملكة.
وقد يستوقفنا ذلك البيان الذي أعلنه صندوق تنمية الموارد البشرية من أن 80 في المائة من المستحقين لصرف الإعانة من الإناث، في حين أن المستحقين من الذكور 20 في المائة فقط، وهو مؤشر إلى أن فرص عمل المرأة أقل بكثير من المطلوب، فمن بين المستفيدين من ''حافز'' البالغ عددهم حتى الآن 700 ألف سيكون هناك ما يقارب 560 ألفا من الإناث، وهن في الغالب ممن تخرجن في الجامعات أو الكليات أو المعاهد، ولم يجدن فرص عمل ملائمة، والمؤمل أن هذه الإعانة لن تمنعهن من البحث عن عمل أفضل، خصوصا بعد أن تم تحديد الحد الأدنى للأجور بثلاثة آلاف ريال مع تقرير زيادة بدل غلاء المعيشة، وهي 15 في المائة تضاف إلى المرتب الشهري، فضلا عن المزايا التقاعدية وغيرها مما تتوافر للموظف سواء في القطاع العام أو الخاص.
إن هدف برنامج حافز الأساسي هو تحويل الباحث عن العمل إلى قوة عمل فاعلة تسهم في خطط التنمية، كما أن ما يجب على كل باحث عن العمل فهمه أن الدعم الذي تقدمه الدولة هو مصدر دخل مؤقت بالنسبة له مع ثبات واستمرارية في البرنامج لكل مَن تتوافر فيه معايير استحقاق الإعانة.