هل السعودة فقط بالعدد؟
انطلق قبل أيام برنامج حافز (المتمثل في صرف مكافأة مالية للعاطلين عن العمل)، الذي يعتبر واحداً من أهم البرامج نحو التوظيف وإيجاد فرص وظيفية للمؤهلين وزيادة نسبة السعوديين والسعودة بشكل عام وتقليل نسب البطالة. والسعودة مسألة اقتصادية أزلية في بنية الاقتصاد السعودي وموضع اهتمام الخطط التنموية كونها العمود الفقري في الاقتصاد وواحداً من أهم مكونات تقويته. ولذا فهي- أي السعودة - من القضايا التي بحثت كثيراً وعقد لها ندوات ومؤتمرات وتناولها باحثو الاقتصاد والكتاب والاجتماعيون وغيرهم، أملا في التعرف على معوقاتها وأسبابها وطمعاً في وضع تصور للحلول الواقعية. وهكذا سنت قوانين مختلفة للتشجيع على زيادة توظيف السعوديين، خصوصاً في القطاع الخاص كان من آخرها نطاقات، الذي تشرف عليه وزارة العمل.
وبغض النظر عن كل هذه القوانين المفروضة، التي تتباين في مدى جدية تطبيقها إلا أن هناك قاسما مشتركا لكل هذه البرامج التحفيزية والقوانين المفروضة، وهو قياس النتائج بالعدد أو بنسبة السعوديين. وفي واقع الحال أن مثل هذا المقياس لا ينطبق على بعض القطاعات أو مجالات الأعمال والتي تعتمد في عملها على العنصر البشري بشكل كبير، فمثلاً شركات المقاولات لن تستطيع أن تحقق أدنى درجات السعودة إذا أخذنا بقياسها فقط من منظور نسبة السعوديين فيها، بينما من المنطقي جداً أن تكون الوظائف القيادية والمتوسطة في مثل هذا النشاط من السعوديين، وبالتالي الأخذ بمقاييس التكاليف على المنشأة وليس على العدد. إن تكاليف المدير المالي مثلاً تعادل ربما عشرة أضعاف تكاليف العامل العادي، ولذا فمن الأولى أن تحسب النسب بمعامل التكاليف وليس الأعداد المطلقة حين احتساب نسب السعودة.
إنني أدرك أن هناك تلكؤاً لدى بعض الشركات أو المنشآت في توظيفها للسعوديين لأسباب عديدة، لكن الأمر أيضاً يجب أن يؤخذ بمنطقية أكثر كون القطاع الخاص دائماً يسعى إلى الربحية، وبالتالي فهو يهتم بالتكاليف. وهذا أي الأخذ بمعامل التكلفة لقياس نسب السعودة كواحد من مدخلات كيفية احتسابها أولى أن يتبع وفيه تشجيع أكثر للقطاع الخاص نحو تحفيزه لتحقيق النسب المطلوبة. إن عدم الالتزام بنسب السعودة في بعض الحالات والتحايل على تحقيق ما فرض منها جاء جزئيا من عدم منطقية هذه القوانين والتعايش بشكل أدق مع واقع الحال، ما خلف نتائج غير مرضي عنها في هذا المجال الاقتصادي الأهم.
د.سليمان بن عبد الله السكران