لو سألنا أي شخص لم يمتهن الأعمال الحرة هذا السؤال لرد بأنه من المستحيل الحصول على مثل هذا المبلغ في هذه المدة. وأما لو سألناه نفس السؤال وأضفنا له “وبدون رأس مال يذكر” فماذا عساه أن يقول؟وللجواب عن هذا السؤال سأسرد هذه القصة علها أن تكون حجتي أمام من ينفي إمكانية ربح هذا المبلغ في شهرين وبدون رأس مال يذكر.
بعد عودتي من دراسة الماجستير رأيت الصحف تعج بإعلانات عن مناقصات حكومية، وفي إحدى المناسبات سألت بعض رجال الأعمال، هل يحق لي أن أتقدم لمثل هذه المناقصات؟ فكانت الإجابة ” نعم تستطيع ولكن فيه غيرك ألف واحد سيتقدم”، ومنهم من قال ”وينك ووين المناقصات الحكومية، تحتاج ضمان بنكي ودراسة المناقصة وسجل تجاري… الخ، من الطلبات” ثم سألت الثالث فقال ” خلك على وظيفتك واترك عنك هالخربطة”. كان هذا الكلام كافياً لإطفاء شعلة الأمل في داخلي، لزيادة دخلي وممارسة العمل الحر، ولكن أمام طموح وأمل لم أكن لأسمح لأحد بأن يحول بيني وبينه، مسحت كل ما قالوه إلا كلمة واحدة وهي “نعم تستطيع”، ثم أخرجت سجل تجاري بمبلغ 100 ريال وسجلت المؤسسة في الغرفة التجارية بـ 300 ريال.
وفي أحد الأيام قرأت إعلاناً في إحدى الصحف ،عن مشروع لإحدى الجهات الحكومية (توريد أكياس قلع) وكنت لم أسمع في حياتي بهذه الأكياس، ومع ذلك اشتريت المناقصة بـ 500 ريال. سألت ما هي هذه الأكياس وإذا بها أكياس من القماش المستخدم في صناعة الخيام (رواق) بحثت عن من يصنعها فوجدتهم في أحد الأحياء، ذهبت وطلبت منهم السعر فكان السعر ثلاث ريالات للكيس الواحد، فذهبت للبنك وأصدرت ضماناً بنكياً بمبلغ خمسة عشر ألف ريال عن طريق استخدام راتبي، ومن ثم قدمت سعري للمناقصة بسعر 7 ريال للكيس. فُتحت المظاريف وكان ترتيبي الثالث ولكن تم استبعاد الأول لعدم وجود ضمان والثاني لأن العينة غير جيدة وتم ترسية المشروع على مؤسستي.
عندما وصلني التعميد كان شعوري بالفرحة لا يوصف ولم أكن مصدقاً لما يحدث. وعندما ذهبت الفرحة وجاءت ساعة العمل اكتشفت بأني لا أمتلك التمويل وما زلت أحتاج مائة وخمسين ألف ريال لعمل المشروع. كانت هذه أولى المشاكل، وحقيقة لم أكن افكر في التمويل عند دخولي المناقصة ولكني قررت أن المشروع يستحق المخاطرة، وفي حالة الحصول على تعميد بربح جيد سأتمكن من إقناع الأهل والأقارب بتمويلي.
ذهبت للأهل والأقارب ومعي التعميد وبعروض الأسعار وقلت إن ربحي يتجاوز 100٪ وهذا التعميد ولا يوجد مخاطرة وأحتاج تمويلاً، وبالفعل جمعت المبلغ. ذهبت لمن يصنع الأكياس وعندما تعاقدت مع الأشخاص الذين يصنعون هذه الأكياس، اكتشفت أن الكمية فوق طاقتهم، وانأ ملزم بتسليمها خلال شهرين أو يتم الخصم علي، وأفادني المصنعون بأنه من المستحيل إنهاء المشروع في الوقت المحدد. وكانت هذه هي المشكلة الثانية التي واجهتها وهي أصعب من الأولى.
كان الانترنت في بداياته، بحثت في المواقع الالكترونية، فوجدت مصنعاً في باكستان يستطيع عمل هذه الأكياس في مدة قياسية وبسعر وجودة أفضل، اتفقت معه وفعلاً أرسل لي الكمية كاملة، وقمت بتسليمها واستلام نقودي من هذه الجهة الحكومية وهكذا ربحت 150 ألف ريال، وبدون رأس مال وخلال شهرين.
- لقد كانت هذه القصة نقطة تحول في حياتي وعلمتني الكثير.
- تعلمت أنه مهما كانت نظرة الناس لأمر ما سلبية فهذا لا يعني أن النتائج ستكون سلبية.
- تعلمت بأن مخالفة رأي الأغلبية ليس خطأ في كل الأحوال.
- تعلمت أنك تستطيع أن تفعل أكثر من ما تتوقع أو ما يتوقعه الناس منك.
- تعلمت أن كلمة مستحيل موجودة في مخيلتنا وليست في واقع الحياة.
- تعلمت أن دخل العمل الحر في شهر قد يعادل دخل وظيفة في سنة.
قصص النجاح في العمل التجاري ليس لها حدود ولا تقتصر على هذه القصة أو غيرها، والهدف من هذه القصة أن تعلم بأنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل في زيادة دخلك، وهذه القصة ما هي إلا واحدة من ألاف القصص، لعلها تكون حافزاً للشباب كي يصنعوا قصص نجاح أخرى بأنفسهم.