السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذرا قصار القامة.. للخلف در!
د. نوف علي المطيري
شرط الطول في العسكرية أصبح كابوساً يطارد الشباب ويقض مضاجعهم ويحرمهم من حلم الدخول في السلك العسكري وخدمة بلادهم.
ما الحكمة من أن يكون طول المتقدم 170 سم أو 168سم؟! أطوال الغالبية العظمـى من الشبـاب ما بيـن 160 و165 سم، و3 سم لن تقدم ولن تؤخر، والشجاعة لم تقرن يوماً بالطول ولا بالوزن.
من المخجل أن نحرم شباباً من حلم العسكرية بسبب أمر خارج عن إرادتهم. وقد يقول قائل إننا نتحدث عن الحد الأدنى في الطول، وفتح الباب على مصراعيه لمن هم أقل من 168 سم قد يؤثر في مهارة الجندي بحمل السلاح وتحمل التدريبات، ويخالف للمعيار العالمي المتبع في اغلب القطاعات العسكرية، وهذا أمر مردود عليه فلم يضر الجيش الصيني، وهو أقوى جيوش العالم، عدم امتلاك أفراده الطول الفارع وضخامة الجسم، فالشجاعة والمهارة لا تقاسان بالطول، بل بامتلاك الجندي والمحارب للمهارات القتالية وعدم الهروب من مواجهة المخاطر في ساحة المعركة، ولم يضر الفيتناميين ولا الكوريين الشماليين قصر القامة وضآلة الجسم مقارنة بالجيش الأميركي من يملك أقوى وأحدث الأسلحة، حيث هزم الأميركان وطردوا من فيتنام شر طردة، ما يعتبر نقطة سوداء في تاريخهم.
ومن يصمم على أهمية التوازن بين الطول والوزن وتأثيرهما على مهارته وقدرته على حمل السلاح يكون قد نسي او تناسى أن الطول والوزن ليسا ثابتين ويتأثران بعوامل عدة، منها التقدم في السن وإهمال التدريبات الرياضية والركون للراحة.
وكلنا نلاحظ ونشهد تلك التغيرات التي تطرأ على أجساد أولئك الجنود والضباط بعد مرور السنوات حيث تبرز المعدة «الكرش» وتتغير مقاسات البدلة جراء السمنة.
فالأمر مرتبط بالشخص ومهاراته القتالية وقدرته على تحمل التدريبات الشاقة وشجاعته في الميدان وليس على الطول والوزن، وتلك الجهات العسكرية التي تضيق الخناق على أولئك المتقدمين والطامحين لدخول السلك العسكري بهدف تقليص أعداد المتقدمين من خلال تلك الشروط التعجيزية التي تستخدم في الفرز والمفاضلة ومن ابسطها الطول والشهادة، غاب عن باله ما يحدث بعد التخرج والعمل من استسلام للراحة وركون للكسل. وليتهم أصدروا القرارات التي تساهم في تطوير الجنود والضباط وزيادة لياقتهم من خلال فرض التمارين الصباحية والجري كنشاط إجباري قبل ممارسة مهام العمل اليومية بدلاً من البحث عن مبررات واهية لطرد الشباب الطموح وحرمانهم من فرصة العمل، وخصوصا أنه لا يوجد نص في اللائحة التنفيذية لنظام خدمة الأفراد يشير إلى تحديد الطول والوزن للراغبين بالالتحاق في الخدمة العسكرية.
وكم أعجبني المقترح الذي تقدم به عضو مجلس الشورى د.موافق الرويلي في العام الماضي ودعا فيه إلى استثمار إقبال الشباب على الخدمة في القطاع العسكري بشكل أمثل من خلال استيعاب جميع الراغبين في القطاع ببرامج تدريبية وتأهيلية فنية ومهنية تحت مظلة القطاع العسكري، كما هو معمول به في كثير من دول العالم التي تخرج مدارس الجيش فيها ومصانعه ومشاريعه أمهر الفنيين والصناعيين والحرفيين، وهذا قد يوفر لهم حرفة وصنعة يكسبون منها قوتهم في حال تسريحهم أو تقاعدهم عن العمل.
وقد أثبتت إحدى الدراسات التي قامت بها جامعة الملك سعود أنّ 75 بالمئة من الشباب السعودي الذكور الذين يبلغ عمرهم 19 سنة يكون طولهم 165 سم فأكثر، وان 50 بالمئة منهم يبلغ طولهم 170 سم فأكثر، أما من يبلغ طولهم 175 سم فأكثر فإنهم لا يمثلون سوى 20 بالمئة ويتبين من هنا أن مجرد رفع متطلب طول القامة سنتيمترات قليلة من شأنه حرمان أعداد هائلة من الشباب فرصة التقديم للقطاعات العسكرية، ومن الأفضل أن يكون القبول على أساس التخصص الأمني، وهناك جهات كالجوازات والمرور والمنافذ الحدودية لا تحتاج لطوال القامة، فلماذا لا يحدد طول معين لكل قطاع أو جهاز عسكري يتم توجيه من طوله -160 165 سم للقطاع الذي لا يشترط طولا معينا، بينما يتم استقبال من أطوالهم 170 - 180 في قطاعات أخرى ترتكز في عملها على متطلبات من أهمها الطول الفارع، وبالتالي إتاحة الفرصة لأعداد أكبر من الشباب للمنافسة على تقديم الخدمة وتحقيق حلمهم بالعمل الشريف وخدمة بلادهم.
المصدر