عرض مشاركة واحدة
  #8959 (permalink)  
قديم 29-01-2012, 05:14 PM
الصورة الرمزية حافلة
حافلة حافلة غير متصل
نجم المنتدى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 4,724
معدل تقييم المستوى: 2034271
حافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداعحافلة محترف الإبداع

قصة قصيرة : من يوميات معلمة مبتدئة . وقفت منبهرة أمام منظر الماء المتدفق من بين الصـخور والاعشاب والمنساب بعذوبــة على شكل جداول تحت ظلال أ شجـارالنخيـل الباسقة ، و زادها انبــهارا لمعـان اشعـة الشمس الراحلـة نحـو مغيبهـا وهي تنعكس على صفحـة الماء المترقرق . ترحمـت في دواخلها على روح جبران خليل جبران و هامت بخيـالها في عـوالم الاجنحة المتكسرة ، لكنها لم تلبث ان خرجت من شرودها على صوت احدى مرافقاتهـا وهي تخاطبها : هيا يا أستاذة ،املئي الانـاء ، لقد تاخرنـا كثيرا والطريق ينتظرنا .
تذكرت أنها لم تـأت من اجل التنزه ، وعليها ان تعيش واقعها الجديد ، واقع البـداوة المتسم بالشقـاء.
شربت من العين وملأت إنائها بمساعدة إحدى نساء القرية وعادت برفقتهن وهي تتمنى لو دامت هذه اللحظات أكثر .
منذ وصولها الى القرية على ظهـر دابـة أدركت انها لم تـأت من اجل رحلة تـرفيهية قصيرة وأن مقامها سيطـول ها هنا لمدة لا تـعرفها تحـديدا . وقد بدأت منذ أيامها الاولى تتعود على حياة الأ هالي و تتمرن على أعمالهم الشاقة ، تقوم بذلك حينما تتفرغ من انشغـالاتها المدرسية .
صارت تـقطع مسافات طويلة رفقـة الفتيات لجلب الماء من إحد ى العيـون الطبيعية في سفح الجبل . اوترافقهن للبحث عن الحطب في الأماكن القصية .
وهكذا تقضي معظم نهـارها مع تلاميذها أو مع نساء وفتيات القرية ، وتبدأ معاناتها عندما يحل الظلام ، فلا أحد يؤنسها في وحدتها الليلية .
ها قد مر حتى الآن شهران كاملان على وصوها إلى هذه القرية النائية ولازالـت تمني نفسها باليوم الذي تنتهي وحدتها بالتحاق المعلمة الأخرى .
يوم سلم لها تعيينها ،أخبرها المدير أنها لن تبقى وحيدة وسيتم ايفاد معلمة ثانية لاحقا . لم تنس ذلك الوعد وظلت تعيــش على حلم تحقـقـه حتى الآن .
كان الظـلام قد حـل حين وصلت الى مسكنها المنزو عن بيوت القرية، وضعت انـاء الماء الذي انهك كتفها ، أغلقت الباب الخشبي ، كانت متعبة ، جلست لتأخذ قسطا من الراحة ومـا لبثت أن عاودتها هواجـس خوف شديد . حاولت ان تسيطـر على مشاعـرها لكن دون جدوى ، فلا جهـاز الراديو الصغير ولا البـوم الصور ولا نغمات الهاتف المحمول لا شيء من ذلك يجدي في التغلب على الخـوف الذي يلازمها حتى أولى تباشير النهار .
تناولت ماتبقى لها من طعام الغذاء بيدين مرتجفتين . طالعت على مضض دروس الغد ،واستلقت على فراشها طلبا لنوم مستحيل ، ظلـت تـتقلب على الفراش لوقـت طويل ، ولم تـخلد للنوم حتى سمعت صياح الديكة يتردد في أرجاء القرية معلنا قـدوم فجــر يــوم جديـــد .