تحرك رسمي لملاحقة مسوقي المخططات العشوائية في منطقة مكة وتقديمهم للقضاء
تحركت جهات حكومية في منطقة مكة المكرمة للسيطرة على عمليات بيع أراض في مخططات عشوائية غير نظامية في مواقع متعددة من منطقة مكة المكرمة بعد تحويلها إلى مخططات سكنية عشوائية حيث انتشرت بشكل كبير عملية البيع والشراء في هذه المواقع من قبل المواطنين والمقيمين. وعلمت ''الاقتصادية'' من مصادر مطلعة أن توجيهات صدرت بضرورة الوقوف على جميع هذه المخططات العشوائية والقبض على من يتواجد في هذه المواقع من أجانب ومسوقين للمخططات، والنظر في مشروعية إقامة الأجانب وتطبيق التعليمات بحقهم، والتحقيق مع المسوقين وتقديمهم للمحاكمة بما نسب إليهم من اتهام بعد الرفع بتقرير واف عمن تم القبض عليهم وأسمائهم ورقم هوياتهم والعمل الذي ضبط كل منهم وهو يمارسه. يأتي هذا التحرك في أعقاب تداول بيع المخططات العشوائية بشكل كبير في عدة مواقع في منطقة مكة المكرمة بعد الارتفاع الكبير الذي حصل في الأراضي النظامية والتي لا يستطيع المواطن شراءها لتضخم وارتفاع أسعارها، حيث تدار عمليات البيع عن طريق وافدين ومخالفين لنظام الإقامة والعمل.
من جهته أخرى، اقترح عقاريون حلولا لحل الأزمة الإسكانية التي تعانيها البلاد من خلال تطوير المخططات العشوائية وإعادة تنظيمها، وطرحها أمام القطاع الخاص ليكون شريكا في عملية التطوير حيث أصبح السكن العشوائي واحدا من المشكلات العالقة التي تنتظر لحظة المعالجة، إذ تنتشر في المدن الرئيسة والمحافظات كافة مناطق السكن العشوائي، وتزايد انتشار هذا السكن غير النظامي - وفق آراء العقاريين - بسبب تضافر عدة عوامل أبرزها ارتفاع أسعار الأراضي النظامية، وعدم التوسع في المخططات التنظيمية، وقصور التخطيط العمراني، وعدم اتخاذ إجراءات تنظميه تراعي التوسع العمراني، والحاجة الماسة إلى بناء مساكن جديدة تتناسب مع معدلات النمو السكاني، الأمر الذي أسهم بشكل واضح وصريح في انتشار المخططات العشوائية المخالفة.
والسؤال الآن بعد سنوات من تداول تلك المخططات العشوائية والبدء في البناء عليها من قبل المواطنين والسكن فيها: ما الحلول المناسبة لتطوير تلك المواقع العشوائية؟ أمام تلك التساؤلات يتحدث عدد من خبراء العقار حيث يقول عبدالعزيز السلمي متخصص في التسويق العقاري: المخططات العشوائية انتشرت بشكل كبير في منطقة مكة المكرمة وهي تقع على أطراف مكة وخارج النطاق العمراني. هذه المواقع في الأصل كانت مزارع يملكها أصحابها بوثائق تاريخية، وأعتقد أن تطوير تلك المواقع عن طريق القطاع الخاص وفق مخططات تنظيمية ومعتمدة من مكاتب هندسية بحيث تتوافر الشوارع الرئيسة والفرعية وإيجاد قطع للخدمات والمرافق والحدائق، أعتقد أنه حل في ظل الارتفاعات الكبيرة التي تشهدها المخططات النظامية. اليوم - والحديث للسلمي - أصبحت الأسعار مبالغا فيها ووصلت إلى أرقام لا يستطيع ذو الدخل المحدود الشراء في تلك المواقع وليس أمامه سوى الشراء في المخططات العشوائية.
من جهته، يقول جميل المجنوني مستثمر عقاري: تعد ظاهرة المخططات العشوائية ظاهرة عالمية تتميز بها غالبية الدول النامية وهى مشكلة عمرانية، ولكن لا يمكن فصلها عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع ما، فقد أدت الزيادة السكانية السريعة مع عدم توفير الأراضي والإسكان بالأسعار المناسبة لذوى الدخل المحدود، إضافة إلى تكدس سكاني شديد في الأحياء داخل المدن. والمخططات العشوائية فرضت نفسها في أطراف المدن والسبب هو الارتفاع الحاصل في أسعار الأراضي داخل النطاق العمراني الأمر الذي أدى إلى توجه شرائح معينه إلى شراء قطع سكنية والبدء في البناء عليها. وأعتقد أن هناك مخططات عشوائية أصبحت منظمة مع التدخل الحكومي من خلال مساعدة المواطن الباحث عن السكن. نحن مع التطوير لتلك المواقع لتصبح جاهزة للسكن اللائق بالمواطن ولابد من تدخل الجهات الرسمية في وضع حلول لتملك المواطن الساكن في هذه الأحياء.
وطالب عادل كعكي رئيس غرفة مكة السابق بضرورة التضييق على المتاجرين بتلك المخططات حتى لا تتكرر المشكلة الحالية من نشوء أحياء داخل مكة المكرمة وانتقالها إلى أطرافها. وأشار إلى أن تلك العشوائيات أقيمت دون تخطيط مسبق، وأنها تعد من المشكلات التي تعانيها العديد من الدول النامية كما تعانيها بعض الدول المتقدمة، وإن اختلفت أبعاد المشكلة ووطأتها. ونظرا لتعاظم مشكلة العشوائيات وتداعياتها خلال العقود الماضية فقد أصبحت من القضايا الملحة التي تحتاج إلى مواجهة شاملة للحد من انتشارها ومعالجة آثارها السلبية من خلال دراسة حجم وسمات هذه الظاهرة وتوزيعها الجغرافي، والأسباب وراء نموها وتكاثرها، وأنماط الإسكان في المناطق العشوائية، وخصائص سكانها من أجل النهوض بهذه المناطق وحل المشكلات التي يعانيها سكانها.
وأشار كعكي إلى أن نشأة العشوائيات مشكلة قديمة نشأت مع بداية استقطاب المدن أعدادا كبيرة ممن يعيشون في الأرياف ومن خارج البلاد فكانت هناك حاجة إلى السكن السريع. وفي ظل عدم قدرة السوق وعوامل السوق على عدم توافر السكن لجأ الناس إلى وضع اليد على الأرض وبناء سكن بغرض التجاوب مع الحاجة إلى السكن السريع بتقنيات متواضعة وبطرق تقليدية. ومع مرور الزمن أصبحت هذه الأماكن أمرا واقعا ومؤلما بدأت الجهات الرسمية حاليا في تصحيحه.