لو نظرنا إلى جموع الناس في بيت الله الحرام و الناس في المولات .... لأعتقدنا أنهم في قمة السعادة أو قمة الراحة
و لكن لو تمعنا قليلاً ... لعرفنا أن هؤلاء الناس و كاتب هذه الكلمات منهم
أن الذين أتوا إلى بيت الله الحرام و إن وجدنا ملامحهم غير حزينه أو غير سعيدة فإنهم جاؤوا و في داخلهم شكوى وحزن أو طلباً للمغفرة أو خوفاً من العقاب لذنب ارتكبوه فلجأوا إلى الله عز و جل عند بيته المحرم يدعونه تضرعاً و خيفة بينهم و بين إلهنا المعبود الذي يعلم ما تخفيه القلوب و السرائر ... فيغفر و يرحم و يستر و يعفوا عنهم لأن باب التوبة مفتوح و لأنه حليم كريم رحمن رحيم ... لا يرد دعوة المظلموم و لا يترك الضعيف المغلوب فيرحم المريض و يتفضل على الفقراء و يجبر بمكسور الخاطر ... فيستبشر كل من أتى إليه راغباً خائفاً ضائعاً تائهاً راجياً رحمته و مغفرته و عفوه طالباً الجنة و مرافقة النبي محمد صلى الله عليه و سلم منتظراً إستجابة ربه له من بعد ذلٍ قاساه و فقر حطمه و ظلم كسره أن يحقق الله مراده ... و كيف لا ينتظر و يستبشر فهو الذي لا ينقصه شيء في الأرض ولا في السماء سبحانه و تعالى فهو ملك الملوك كاسر الجبابرة أغنى الأغنياء كريم حنان منان أحن من الإنسان على نفسه ... سبحانك ربي ما أعظمك جل جلالك و تقدست أسمائك و صفاتك لا إله إلا الله محمداً رسول الله
فلننظر الآن إلى الذين ذهبوا إلى المولات .. بعضهم للتنزه و للترويح عن النفس و بعضهم للمعاكسة و التحرش و أذية خلق الله و بعضهم للشراء .. للنظر إلى مناظرهم إنهم في أتم الأناقة في الملبس و التعامل
و لكن كيف هي نفوسهم ؟ البعض منهم مهموم و البعض يداري لوعته و حزنه بالتنزه و البعض مغموم بسبب إرتفاع الأسعار ... فيمثل البعض دور السعادة ... فيضحك و يتكلم مع أصدقاءه لينسى قليلاً من ذاك الملل و الهم و يمثل دور الكمال في السعادة بأنه لا ينقصه شيء ... فيخرج من المول و يتمنى و يتمنى و كأنه ينظر إلى سراب و حلم و أماني و يحمل فوق ظهره كومة من ذنوب و معاصي ... و تخرج تلك التي تعطرت و هي تعرف أن عطرها هذا إثم و ذنب عليها ... هي أغرت أحداً ما من الشباب و حسبت بذلك أنها أرضت غرورها و لكنها ما تلبث إن تصل البيت إلا و الهموم تتآكلها لأن شعور النقص ما زال و لا زالت تحس به و هي تضحك على نفسها و تتوهم بأنه غير موجود ... فرق بين الواقع و التمثيل ...
بين واقع الديون و نقص المال حتى يكون المظهر غير كاذب أمام الناس و فرق بين التمثيل أن كل شيء على ما يرام ..... خرج ذاك من بيت الله الحرام بعد أن طاف و دعا و قرأ القرآن الكريم و شرب من زمزم و الذي هدأ باله و استبشرت نفسه و ارتاح قلبه
و خرج ذاك من المول و هو يضحك و بعد قليل بعدما يدخل غرفته في البيت يتخاصم مع تلك التي تعرف عليها في المول
أتى ذات مرةٍ ....... إلى ملاهي الألعاب وسيماً أنيقاً و الحارس الشخصي يرافقه فرأينه المراهقات فتهافتن إليه كل واحدةٍ منهم تود لو أنه يأخذ رقم جوالها فرمين عليه أوراق صغيرة مكتوب فيها أرقامهن ... وهو ينظر إليهن بكل إستعلاء و تكبر .... منظر يحطم القلب و يحزن النفس صار العرض يرمي نفسه في ورقة ولا ينتشلها من أراده العرض .... فابتسم من شاهد هذا المشهد إبتسامة حزن ممزوجة بألم