بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمكن يخطأ الإنسان ويعتدي في دعاءه
طبعاً هو لا شك يرد الخير من هذا الدعاء أو أبعاد شر أو أهلاك شخص وغيرها
المسأله الأولى: الدعاء على شخص معين وإن كان كافراً ..؟
كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الفجر، ويلعن بعض رؤوس الكفر،
ويقول: "اللهم العن فلانا وفلاناً" ويسميهم، فأنزل الله تعالى: "ليس لك من الأمر شيء" [آل عمران: 128].
مسند أحمد (5416)، وسنن النسائي (1078).
وفي هذه الآية بيان أن الأمر كله لله وليس للرسول صلى الله عليه وسلم من أمر هداية الخلق وإضلالهم شيء،
فإنه سبحانه يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويرحم من يشاء، ويعذب من يشاء.
فليس كل من لعنه الرسول يستجاب له فيه،
ولهذا مَنَّ الله على بعض أولئك الذين دعا عليهم الرسول ولعنهم، فأسلموا وحسن إسلامهم وهم:
صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام رضي الله عنهم. والله أعلم.
قال ابن تيمية رحمه الله :
" والدعاء على الجنس الظالمين الكفار مشروع مأمور به وشرع القنوت والدعاء للمؤمنين والدعاء على الكافرين وأما الدعاء على معينين
كما كان النبى يلعن فلانا وفلانا فهذا قد روي أنه منسوخ بقوله ((ليس لك من الأمر شيء)) كما قد بسط الكلام على ذلك فى غير هذا الموضع فيما كتبته فى قلعة مصر
وذلك لأن المعين لا يعلم أن رضى الله عنه أن يهلك بل قد يكون ممن يتوب الله عليه بخلاف الجنس فإنه إذا دعي عليهم بما فيه عز الدين وذل عدوه وقمعهم كان هذا دعاء بما يحبه الله ويرضاه
فإن الله يحب الإيمان وأهل الإيمان وعلو أهل الإيمان وذل الكفار
فهذا دعاء بما يحب الله وأما الدعاء على المعين بما لايعلم أن الله يرضاه فغير مأمور به وقد كان يفعل ثم نهى عنه لأن الله قد يتوب عليه أو يعذبه
ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك كان بعد أن أعلمه الله أنه لايؤمن من قومك إلا من قد آمن ومع هذا فقد ثبت فى حديث الشفاعة فى الصحيح
أنه يقول أنى دعوت على أهل الأرض دعوة لم أومر بها فإنه وإن لم ينه عنها فلم يؤمر بها فكان الأولى أن لا يدعو إلا بدعاء مأمور به واجب أو مستحب
فإن الدعاء من العبادات فلا يعبد الله إلا بمأمور به واجب أو مستحب وهذا لو كان مأمورا به لكان شرعا لنوح
ثم ننظر فى شرعنا هل نسخه أم لا وكذلك دعاء موسى بقوله ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم إ
ذا كان دعاء مأمورا به بقي النظر فى موافقة شرعنا له والقاعدة الكلية فى شرعنا أن الدعاء إن كان واجبا أو مستحبا فهو حسن يثاب عليه الداعي
وإن كان محرما كالعدوان فى الدماء فهو ذنب ومعصية وإن كان مكروها فهو ينقص مرتبة صاحبه وإن كان مباحا مستوي الطرفين
فلا له ولا عليه هذا والله سبحانه أعلم . الفتاوى 8/336 .
فكيف لو كان الدعاء على من هو من عموم المؤمنين ..!
للأسف أنا أستغرب من دعاء بعض الائمة لما يدعوا على حاكم بعينه ..!
إذا كان الدعاء على الكافر بعينه في الأمر ضابط ونظر فكيف من هو مسلم ..!!!
المسألة الثانية : الدعاء على الظالم كيف يكون ؟
شرع تعالى للمظلوم أن ينتصر ـ ومنه الدعاء ـ، وقيّد ذلك بالاقتصاص بالمثل، وندبنَا إلى العفو...
(والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) ثم عقب (وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ثم عقب ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله)...
وضابط التفاضل بين الانتصار أو العفو: المصلحة الشرعية.
وأحسن الأدعية أدعية القرآن والسنة، فليدع المظلوم بمثل قول:
(( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا )) (75) سورة النساء
والأحسن لو جعلت الدعاء مختصاً "بسبب" الظلم و"محله"، فالباغي بماله يدعى عليه بالفقر،
والباغي بسلطانه يدعى عليه بفقده، والباغي بقوته يدعى عليه بضد ذلك، وهكذا.
يشهد لذلك قوله تعالى:
(( فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ))
(40) سورة الكهف.
فدعا عليه بفقد ماله، لما كان سبباً في طغيانه،
وقد أشار إلى هذا ابن سعدي ـ رحمه الله ـ في تفسيره.
ولذا: فإن من تمام عدل الله تعالى أن يعذب كل باغٍ بما بغى به، جزاءً وفاقاً.
وليتذكر المؤمن فضل الصفح والعفو، وقد قال الفاروق ـ رضي الله عنه ـ
أدركنا خير عيشنا بالصبر، ذكره البخاري، وليستحضر مواقف نبي الله ،
حيث لم ينتقم لنفسه قط،
كمافي فتح مكة، وقصة غورث، والأعرابي بسيفه، وغيرها كثيرٌ جمٌّ.
.......
طبعاً حاولت أختصر قدر الإمكان حتى تعم الفائده
وكل ماسبق تجميع بسيط وللعلم أن في المسائل السابقة أقول كثيره ووجهات مختلفة
وأي أحد يحب القراءة والتزود فالمصدر من ملتقى أهل الحديث
إن كان في تقصير بالموضوع لا شك مني ومن الشيطان
أتمنى أننا جميعاً نستفيد ونتعلم كيف ندعوا بالشكل السليم بدون أعتداء وظلم
وصلى الله وسلم على خير رسول