محمد آل مشوط
ما إن نهدأ قليلاً من أجواء الإثارة في بعض قضايانا المحلية، التي يغلب عليها جانب الاستفزاز من فئةٍ لأخرى، حتى تأتي قضية جديدة تشغلنا مرةً أخرى وتجُرنا بويلاتها معها، بل أصبح الهدوء مستغرباً، وعندما لا نجد شيئاً يشغلنا نبحث بين قضايا الدول المجاورة ما يقطع هذا الهدوء، ولعل ملتقى النهضة الذي أُلغي مؤخراً في الكويت خير دليل. الإثارة الجديدة مشتعلة من اسمها، وهي شعلةالأولمبياد؛ حيث رأت اللجنة المنظمة في لندن أن إنجازاتنا الأولمبية وميدالياتنا الذهبية، التي لا تُعَدّ ولا تُحصى!!! تجعلنا من أكثر الدول أحقية في أن نشارك في شعلة أولمبياد 2012، وأن لا يكون قبس الشعلة بيد شاب بل بيد فتاة، وكأن الرياضة النسائية عندنا حصدت بطولات عديدة تفوقت على بطولات الرجال.
هذه الإثارة بدأت وستهدر أوقاتاً ثمينة، وستورث تراشقاً واحتداماً بين من يرى أن هذا لا يصح ومن يقول إن هذه المشاركة ستجعلنا في مصاف الدول المتقدمة ومن سيبرر ومن سيتفرج ليعرف "وش السالفة"، وغير هؤلاء ممن ستشغلهم هذه القضية. ولعل من يقرأ الردود الكثيرة لخبر الشعلة الأولمبية في صحيفة سبق يجد مقبلات الاحتدام والتصادم القادم التي ستورثه هذه الشعلة.
الغريب أن الفتاة المختارة لتشعل الشعلة اختيرت دون معايير واضحة، واختلفت الآراء حولها، وهل الفتاة هي التي عرضت على اللجنة هذه المشاركة أم غير ذلك؛ فزميلاتها في ناديها الرياضي النسائي، الذي أسسته "جدة كينغز يونايتد"، يشتكين في أكثر من منبر إعلامي من مدى السيطرة من قِبلها على النادي، وأنها عبء على الفريق، وأن النادي وسيلة لتحقيق أهداف شخصية لها؛ حيث دخلت عن طريقه إلى الإعلام المرئي والمسموع، وها هي الآن تدخل عن طريق هذا النادي إلى الأولمبياد.
الآن القضية في مرحلة الشرارة، وستنتهي يوماً ما،لكن ماذا ستخلف وراءها؟!.. وحكومتنا الرشيدة تبذل كل ما تستطيع من أجل بناء هذا الوطن الذي لن يكتمل بناؤه إلا بسواعد أبنائه، وهذه السواعد إن لم تتعاون وتتكاتف وتنبذ الاختلاف وتقتدي بهدي نبيها - صلى الله عليه وسلم - فإن هذه السواعد ستشوِّه هذا البناء بدلاً من أن تُشيده.