خلل «ساهر» في بيئته
محمد العثيم
في النظر للتفاصيل يتضح خلط كبير بين ثلاثة أشياء (بيئة المرور) و(نظام المرور) وكاميرات الرقابة (ساهر)، هذا الخلط جعل أدبيات الحديث المنشور وكأنها تطالب بمرور بلا قانون، أو قانون بلا رقابة، وهذا غير صحيح، فالمشكلة أن الناس مستاءة من تطبيق ساهر في بيئة هندسية غير صالحة لتطبيقه، إذا لا عيب في (ساهر) للرقابة على تطبيق نظام المرور، فلا أحد يريد سرعة بلا حدود، ولا أحد يريد قطع الإشارات الحمراء، ولا أحد يريد حوادث كثيرة مفجعة ومكلفة، لكن العيب يأتي في بيئة التطبيق، وبالتحديد من سوء الهندسة المرورية، المرتبطة بسوء تخطيط الكثير من الشوارع، والذي خلق حالة مرورية مختنقة في المدن الكبرى، وغير قابلة للتقيد بنظم المرور بدقة، أو حتى الرقابة عليها بكفاءة سواء كانت الرقابة بشرية، أو الرقابة الإلكترونية مثل رقابة نظام (ساهر).
لم لا نرجع إلى أصل المشكلة (البيئة المرورية على الأرض) ونتحدث عنها حديثا علميا يشارك فيه علماء عبر ندوة أو لقاء ينظمه المرور، والأمانات في المدن يكون مخصصا لإعادة رسم التخطيط المروري في المدن بشكل علمي متخصص، وحل شامل بدل هذه الاجتهادات المتفرقة، وبدل الحديث في قضية المرور من أطرافها، وجزئياتها، فالمؤكد أن قانون المرور لا مشكلة فيه، ونظام الرقابة على تطبيقه (ساهر) جيد ولكن المشكلة الحقيقية هي سوء هندسة البيئة المرورية، والتي يمكن إعادة دراستها، وهيكلتها لتكون قابلة لتطبيق قانون المرور والرقابة المرور، وبقليل من الجهد.
الهندسة المرورية المرتجلة مسؤولية الأمانات والمرور على حد سواء، وهي تقوم على تصور قديم للشوارع، والطرق السريعة وهي متقادمة جعلت الحديث وكأن البعض يطالب بإلغاء قانون المرور بينما هو مستاء من هيكلة نظام الرقابة (ساهر) في بيئة مرورية صعبة الضبط، ولا يمكن السيطرة عليها بحيث يجد السائق نفسه غير قادر أحيانا على التقيد بتعليمات المرور الدقيقة كما تتطلبها برمجيات الكاميرات.
الجانب الهندسي للمرور إلى الآن يقوم على فكرة شارع جميل متسع دون مراعاة لمساربه ومخارجه وطرق الدخول إليه فليس المهم أن يكون الشارع واسعا جدا، لكن المهم سهولة الدخول والخروج الذي يؤدي إلى ارتباك يتسبب في عصبية السائق فلا يتقيد بنظم مرورية منضبطة لأنها قد تؤذي سلاسة سيره، وتوقفه فالطريق السيئ التنظيم يربك النظام.
لو دعي لمؤتمر علمي يشارك فيه مختصون وشركات دراسات عالمية لاتضحت الأمور، ولكان قد تحدد النقد المكتوب اليوم في اتجاه واحد وهو هندسة صحيحة للبيئة المرورية في المدن تجعل تطبيق القانون ميسرا دون ضجيج، أو اعتراض.