~ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
عَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ":
قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟
قَالَ: "لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ"(1)
قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي":
{وَاَلَّذِينَ يُؤْتُونَ} أَيْ يُعْطُونَ {مَا آتَوْا} أَيْ مَا أَعْطَوْا مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ
{وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَيْ خَائِفَةٌ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ وَبَعْدَهُ {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} أَيْ لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ إِلَى اللَّهِ صَائِرُونَ
{أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ, وَفِي الْقُرْآنِ { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ } أَيْ يُبَادِرُونَ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ (
{ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } ) أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقِيلَ أَيْ لِأَجْلِ الْخَيْرَاتِ سَابِقُونَ إِلَى الْجَنَّاتِ أَوْ لِأَجْلِهَا سَبَقُوا النَّاسَ. وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ السَّعَادَةُ>
وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ"(2)
خبيء من عمل صالح: أي من الأعمال الخفيّة التي لا يطّلع عليها أحد من الناس, خالية من الرياء, فتكون خالصة لله تبارك و تعالى
مثل صلاة النافلة في جوف الليل أو صدقة السر أو أي عمل آخر من الأعمال الصالحة>
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ" قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: "الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً"(3)
الرياء لغة: معناه الإظهار. ومعناه شرعاً: (فعل الخير بقصد أن يراه الناس ويحمدوه عليه)
فترى المُرائي يُحسِّن العمل أمام الآخرين، ولا يقصد طاعة اللّه بهذا التحسين للعمل.
وإن من أهم أسباب الرياء: حُبّ الظهور والرئاسة وضعف الإِيمان.
وأخطرُ نتائج الرياء: عدم قبول الأعمال عند اللّه تعالى، وعدمُ الثِّقة بين الناس.
وقد جعل الله تعالى للأعمال شرطين أساسيين. هما:
أولا: أن يكون العمل صالحاً صواباً مشروعاً موافقاً للكتاب والسنة.
وثانيا: أن يكون عملا خالصا للّه تعالى بعيداً عن كل أنواع الشرك كبيرهِ وصغيرهِ.
ومن الشرك: الرياء لقوله تعالى: تعالى:
{ قُلْ إنَّمَا أنَاْ بَشَرٌ مثْلُكُمْ يُوْحَى إلىَّ أنَّما إلَهُكُم إلَهٌ واحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاَ وَلا يُشْركْ بِعِبَادَة ربِّهِ أحَدَاً }.(الآية 110 من سورة الكهف).
(1) رواه الترمذي (3175) ، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي، 287/3).
(2) أخرجه الخطيب في "التاريخ" ( 11 / 263 ) والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" ( 1 / 296 ) والقضاعي في "مسند الشهاب" ( ق 37 / 1 ) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (5 / 398 ).
(3) أخرجه أحمد (5/428 ، رقم 23680). وصححه الألباني (صحيح الجامع، رقم 1555).
~ ودمتم بحفظ لله ~