مطالب بإعادة تنظيم الهيئة ومراجعة القائمة السلبية لـ «الاستثمار الأجنبي»
وصف أعضاء في مجلس الشورى، أمس، نظام الاستثمار الأجنبي المعمول به حالياً في المملكة بأنه غطاءٌ يحوّل العمالة الوافدة إلى مستثمرين أجانب في مشاريع صغيرة منافسة للسعوديين، مطالبين الهيئة العامة للاستثمار بسرعة التحرُّك لحل هذه الإشكالية التي لا تحقق الأهداف المرجوة من هذا النظام، ولا تستطيع تلبية حاجات الاقتصاد السعودي والاستفادة من رأس المال الأجنبي.
وأبدى الأعضاء أثناء مناقشة تقرير لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بشأن التقريرين السنويين للهيئة العامة للاستثمار للعامين الماليين 1430/1431هـ - 1431/1432هـ، انتقادات حيال أداء الهيئة في إطار تحسين البيئة الاستثمارية في البلاد، مشددين على إعادة النظر في نظام الاستثمار الأجنبي لعدم قدرته على توظيف الكوادر السعودية، ونقل التقنية الحديثة للمملكة، وداعين إلى تكليف جهة محايدة لتقويم ما حققته نوعية الاستثمار الأجنبي في المملكة حتى الآن، وانعكاسه على التنمية المستدامة.
وفي صعيد آخر، طالب أعضاء في المجلس بدراسة تحويل صندوق التنمية الصناعية إلى مصرف للتمويل الصناعي مملوك بالكامل للحكومة، وأن يُدار على هذا الأساس، نظراً لوجود أساسيات العمل المصرفي في الصندوق حالياً.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
أبدى أعضاء في مجلس الشورى أمس، انتقادات حيال أداء الهيئة العامة للاستثمار في إطار تحسين البيئة الاستثمارية في البلاد، مشددين في هذا الصدد على سرعة التحرك لحل مشكلة تحول العمالة الوافدة في المملكة إلى مستثمرين أجانب في مشاريع صغيرة منافسة للسعوديين لا تحقق الأهداف المرجوة من نظام الاستثمار الأجنبي، ولا تستطيع تلبية حاجات الاقتصاد السعودي والاستفادة من رأس المال الأجنبي. أتى ذلك خلال استماع المجلس، برئاسة الدكتور محمد الجفري نائب رئيس "الشورى" إلى تقرير لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بشأن التقريرين السنويين للهيئة العامة للاستثمار للعامين الماليين 1430/1431هـ - 1431/1432هـ، لافتاً الانتباه إلى أن اللجنة تناولت بالتفصيل جهود الهيئة في تحقيق أهدافها المتمثلة في جذب الاستثمار المحلي والخارجي، وتقديمها التسهيلات اللازمة للشركات الكبرى للاستثمار في الفرص التي يقدمها الاقتصاد السعودي الواعد، حيث أسهمت جهود الهيئة في تحسين البيئة الاستثمارية وترويج الاستثمار وتسهيل الإجراءات، وتحقيق معدلات أعلى في مؤشرات التنافسية. من جانبهم، طالب الأعضاء بإعادة النظر في نظام الاستثمار الأجنبي، وذلك لعدم قدرته على توظيف الكوادر السعودية، ونقل التقنية الحديثة للمملكة، ودعوا إلى أن تقوم جهة محايدة بتقويم ما حققته نوعية الاستثمار الأجنبي العامل في المملكة حتى الآن، وانعكاسه على التنمية المستدامة. فيما ذهب أحد الأعضاء إلى المساءلة عن الهدف الرئيسي للهيئة، قائلا: "هل هدفها جذب رأس المال الأجنبي أم نقل التقنية أم توظيف عمالة سعودية"؟ مشيراً إلى أن تحديد الاحتياجات الرئيسية سيسهم في تطور أداء الهيئة وأعمالها، ومطالباً بإعادة النظر في استراتيجية الاستثمار الأجنبي في المملكة. أمام ذلك، أوصت لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بإلزام الهيئة العامة للاستثمار بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط عند وضع خططها الخاصة بمجالات الاستثمارات، كما شددت على توفير بيانات كافة إيرادات الهيئة من مختلف المصادر وتحليل أسس تحصيلها وأوجه صرفها. كذلك دعت اللجنة إلى إعادة دراسة تنظيم الهيئة العامة للاستثمار، خصوصاً ما يتعلق بهيكل الهيئة، كما طالبت بمراجعة القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي بهدف رفع مساهمة وتوطين المساهمات المحلية، إضافة إلى التأكيد على الهيئة بتقديم تقرير عن المشاريع الاستثمارية المرخصة وما تم إنجازه منها وتحديد دورها في جذب الاستثمارات الخارجية وتوطين المحلية. وفي موضوع آخر، دعا أعضاء في المجلس إلى دراسة تحويل صندوق التنمية الصناعية السعودي إلى مصرف للتمويل الصناعي مملوك بالكامل للحكومة، وأن يدار على هذا الأساس، نظراً لوجود أساسيات العمل المصرفي في الصندوق حالياً. كذلك مطالبة الصندوق بأهمية أن تحتوي تقاريره المستقبلية على تحليل مالي للتدفقات النقدية من الإيرادات والموارد المالية الأخرى مقارنة بالمصروفات والقروض الموافق عليها، والملتزم بها مستقبلاً، ومدى ملاءة الصندوق وقدرته على الوفاء بالتزاماته.
جاء ذلك خلال مناقشة تقرير من لجنة الشؤون المالية بشأن التقرير السنوي للصندوق للعام المالي 1431/1432 هـ، والذي قدر مندوبون للصندوق العجز المالي حتى 1436- 1437هـ بما يزيد على 28.800 مليار ريال، وذلك أثناء مناقشتهم حيال المؤشرات المالية التي تنبئ عن مدى ملاءمة هذا الصندوق وقدرته على الوفاء بالالتزامات المالية الحالية والمستقبلية. كما أكدت اللجنة على ضرورة أن يشجع الصندوق على زيادة نسب السعودة في القطاعات المتقدمة بطلب الحصول على القروض من الصندوق وأن تسهم الأيدي السعودية في إدارة وتشغيل وصيانة تلك القطاعات، مبررة ذلك بأن مساهمة المواطن في إدارة وتشغيل وصيانة القطاعات الصناعية ما زالت متواضعة ولا ترقى إلى المستويات المأمولة مقارنة ببعض القطاعات الأخرى أو الدول الصناعية النائية، رغم عمر الصندوق الذي تجاوز 34 سنة وأمضاه في دعم وتمويل وتشجيع التنمية الصناعية في مختلف القطاعات. وهنا، أكد بعض الأعضاء على أهمية أن يراعي الصندوق توزيع القروض الممنوحة على مختلف مناطق المملكة وعلى مختلف أوجه النشاط الصناعي دعماً للاقتصاد المحلي، وتحقيقاً للتنمية الصناعية المرجوة. وقالوا إن منطقة الحدود الشمالية ومنطقة الباحة ومنطقة جازان ونجران والقصيم مجموع ما حصلت عليه من القروض الصناعية بلغ ستة مليارات ريال من أصل 87 مليار ريال وهي تمثل نسبة 7 في المائة من قيمة القروض الصناعية التي صرفها الصندوق، وكان من المفترض أن يعمل الصندوق على توسيع مفهوم التنمية بشكلها العام وأن تكون هناك تنمية متوازنة في المناطق كافة. فيما أشار أحد الأعضاء إلى أن تقرير الصندوق لم يوضح نسبة القروض المتعثرة والقروض المعدومة والمشاريع الخاسرة، وأن نسبة 85 في المائة من القروض الصناعية تذهب إلى ثلاث مناطق رئيسة: الرياض والدمام وجدة. ودعا عدد من الأعضاء إلى إنشاء إدارة مستقلة للتعامل مع طلبات الإقراض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مؤكدين أهمية تلك المنشآت وتأثيرها المستقبلي في الاقتصاديات النامية كاقتصاد المملكة. فيما انتقد أعضاء آخرون توصية اللجنة التي تحث الصندوق على أن يشجع من جانبه على السعودة عند طلب الاقتراض منه، مؤكدين أن مهمة الصندوق تمويلية بحتة، ولا تتعلق بمهام جهات أخرى مثل وزارة العمل.
من جهة أخرى، أجمع أعضاء في مجلس الشورى على أهمية أن تكون لدى الهيئة الملكية للجبيل وينبع حوافز وظيفية جاذبة للمواطنين السعوديين، وتحد من تسرب كوادرها البشرية التي نالت الخبرة الكافية أثناء العمل بها، فيما أكد البعض على ضرورة أن تنظر الهيئة في تحفيز نسب السعودة وزيادتها في الشركات العاملة في المدينتين.
أتى ذلك أثناء مناقشة تقرير لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بشأن التقرير السنوي للهيئة للعام المالي 1431/1432 هـ، والذي أشار إلى أن الهيئة تعنى ببناء وإدارة المشاريع الإنتاجية العملاقة المختصة بالمنتجات الصناعية البتروكيماوية بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية، والشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتأهيل الكوادر الوطنية. وأوضحت اللجنة في تقريرها أن الهيئة باشرت في تطبيق خطة استراتيجية للعشرين سنة المقبلة تمثل مرحلة جديدة في مسيرة التخطيط التنموي الصناعي، مستهدفة بلورة رؤيتها في الاستمرار بالإسهام في تحقيق استراتيجية المملكة لتنمية صناعة البتروكيماويات والصناعات ذات العلاقة. هنا، اقترح بعض الأعضاء أن تتم دراسة تمثيل الهيئة بعضوية دائمة في عدد من الهيئات ذات العلاقة والشركات التي تعتمد عليها في أعمالها كشركة أرامكو، متسائلين عن العوائق التي تراها الهيئة في جذب الاستثمارات المحلية لمدينتي الجبيل وينبع. فيما دعا أحد الأعضاء إلى أن تضع الهيئة ضمن إستراتيجيتها رؤية للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وأن تعمل على وضع شروط أكثر صرامة في جانبي حماية البيئة، والصحة العامة. وفي موضوع ثان، استمع المجلس إلى تقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة بشأن التقرير السنوي للهيئة العامة للغذاء والدواء للعام المالي 1431/1432هـ، حيث تم استعراض أبرز الإنجازات والنتائج التي حققتها الهيئة خلال فترة التقرير ووضعها الحالي، كما اطلع على أهم المعوقات والمشكلات التي تواجه الهيئة في أداء أعمالها، وقد تقف أمام تحقيق الأهداف التي تضطلع بها والحلول الكفيلة بحلها.
وناقشت اللجنة مع مندوبي الهيئة وعدد من مندوبي الجهات الحكومية ذات العلاقة بأعمال الهيئة، عددا من المحاور التي تتعلق باختصاص الهيئة، وما تم إنجازه في إطار الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة، إلى جانب أعمالها في مجال الرقابة على الغذاء والدواء، وفي مجال الأجهزة الطبية ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية. كما بحثت أوجه التعاون بين الهيئة والعديد من القطاعات الحكومية التي تتداخل معها في الاختصاص وما تم بشأن نقل الصلاحيات بينها وبين تلك القطاعات، ومنها وزارة التجارة والصناعة ووزارة الصحة.
وتناول الأعضاء في مداخلاتهم أهمية إيجاد سلم وظيفي من شأنه جذب الكوادر المتميزة للعمل في مجالات الهيئة المتعلقة بصحة الإنسان وسلامته، وتساءل عدد منهم عن دور الهيئة في الرقابة على الأطعمة وتعاونها مع الجهات ذات العلاقة في هذا الموضوع. كذلك أشاد بعض الأعضاء بدور الهيئة في التحذير من الأدوية المخالفة ومياه الشرب والإعلان عنها بشكل متكرر ومباشر وتوعية المستهلك بمخالفاتها، داعين أن تشمل تلك التحذيرات الأطعمة والمعلبات في الأسواق متى ما دعت الحاجة إلى ذلك. ودعا أعضاء إلى أهمية إيجاد المختبرات الخاصة بالهيئة في المنافذ، خصوصاً البرية، نظراً لكونها أولى مراحل استقبال البضائع المستوردة التي ترد لأسواق المملكة، ويستهدف منها المستهلك المحلي.