سيجيب المتواضعون على هذا السؤال بالنفي، و(الواثقون من أنفسهم) سيقولون أنهم يتميزون بقدر لابأس به من الذكاء! أما محدود الذكاء أو من يوصف أحيانًا بـ(الغبي) فسيشير إلى أحد المتصدرين أو المنزوين في المجلس ويقول لك: هذاك الشخص.. إنه ذكي! وإذا ألححت عليه: ماذا عنك أنت قال: بعض المدرسين كان يصفني أحيانًا بضعف التركيز وآخرون يقولون يا ليتك تبدع في الرياضيات والعلوم مثل إبداعك في تنظيم الرحلات وكسب الأصدقاء، وأما الوالد- الله يحفظه- فهو يكرر تعليماته لي أكثر من مرة ويدعي أني (لا أستوعبه) مباشرة، ولكنه يداوي (مزحاته) - سلمه الله - بالثناء علي بين فترة وأخرى بأن لساني (ذرب) وأني لا أنسى أي موقع نذهب إليه، ويعتمد علي بالعودة لأي مكان ذهبنا إليه ولو بعد سنوات.
ويستمر الحديث - مع الموصوف بمحدود الذكاء - ماتعًا دون أن تحضى بإجابة على سؤالك!
يميل كثير من الناس إلى اعتبار أن الذكي هو من يستطيع أن يحل المسائل الرياضية الصعبة، ومن يجد الجواب للألغاز المختلفة ومن يملك قدرة على حل المشكلات
النظرية، ومن يتميز بقدرة عالية على التفكير المجرد، على الرغم من أن كثيرًا ممن يمتلك تلك القدرات (العقلية) يفتقد قدرات أخرى كثيرة أو هو- على الأقل- غير متميز فيها، فهو قد يكون (فاشل) اجتماعيًا وغير مستقر أسريًا، ولا يمكنه أن يدير ثلاثة أفراد، وليس لديه أي مهارة حركية، ويجد صعوبة أن يتذوق الفنون فضلًا عن الاستمتاع بأشكالها المختلفة، فهو يريد أن يحاكمها بمقاييسه العقلية، وهي لم تكن (جميلة) إلا لأنها لم تخضع لذلك.
علماء النفس في العقود الأخيرة ومنهم الأمريكي هوارد جاردنر قدموا لأمثالي العزاء عندما أكدوا أن الذكاء ليس فقط هو الذكاء المنطقي / الرياضي أو العقلي المجرد، بل الذكاء أو الموهبة أنواع، منها الذكاء اللغوي، والذكاء العاطفي أو الاجتماعي والذكاء المكاني أو الفراغي، و الذكاءالجسدي أوالحركي والذكاء الفني ..، وهناك الذكاء الذي أسموه بالذكاء الشخصي/ الداخلي، الذي يمكّن الشخص من فهم قدراته وإمكاناته وتقييم أفكاره ومشاعره وبالتالي يستطيع بسهولة أن ينظم حياته ويديرها بنجاح. وهذه- تقريبًا -فحوى الإجابة التي اختارها الشيخ قوقل (شيخ المعلومات)، فقد كانت الإجابة المرشحة كأفضل إجابة على سؤال: من هو الذكي في نظرك؟ كانت تقول: هو من يستطيع الوصول إلى حل لمعادلة الحياة بناتج خال من الكسور! وهناك إجابة طريفة - يبدو أنها جاءت من مصر - تقول: الذكاء هو أن تستطيع أن تعبر فدانًا مليئاً بالحمير دون أن تصيبك رفسة واحدة!!
كلنا أذكياء.. نملك نوعاً واحدًا أو أكثر من أنواع الذكاء يمكننا معه، بعزيمة وتفاؤل وإيمان، أن نوجد حلًا رائعاً لمعادلة الحياة، وأن نعبر الفدان دون أي رفسات.. أو برفسات تقوينا.. ولكنها لن تسقطنا.
المصدر: مجلة المعرفة - العدد 187.