بكل تواضع .. رأي صندوق النقد في السعودة رأيي
عبد الله باجبير
نعم.. رأي صندوق النقد في السعودة هو رأيي الذي قلته مرارا خلال السنوات الماضية.. ورأي صندوق النقد أو مؤداه أن العمالة الوافدة لا تنافس السعوديين في وظائفهم، لسبب واضح وبسيط.. أن الأعمال التي يقوم بها الوافدون لا يقبل السعوديون العمل فيها.
إن رأي الصندوق الذي عبر عنه ديفيد روبنسون ونشرته ''الاقتصادية'' في 26/9/2012 ومؤداه أن العمالة الوافدة لا تنافس المواطنين السعوديين في سوق العمل لأن هؤلاء لهم مجالات وهؤلاء لهم مجالات أخرى، هو الرأي الذي قلته مرارا من قبل.
وفي رأيي المتواضع أن ما صرح به روبنسون وناديت به من قبل يتطابق مع واقع الحال على سوق العمل في بلادنا المترامية الأطراف، خاصة في مجال المهن وما في حكمها، حيث يندر وجود سعوديين راغبين في العمل في تلك الوظائف مثل: أعمال البناء والنظافة، والزراعة، والرعي، والحلاقة، والخياطة، والسباكة، والكهرباء، والنجارة، والحدادة، وسيارات الأجرة، والعمل ميكانيكي سيارات، إلى آخر عشرات الوظائف التي يشغلها الأجانب. فكثير من المواطنين السعوديين يهربون من وظائف ''الكد'' أي الأعمال الشاقة، وخاصة أن رواتبها متدنية قياسا بمتطلبات المواطن السعودي المعيشية، ولعل أقرب أمثلة على ذلك وهي التي يعرفها الجميع، وكلنا عاصرناها وعشناها، عندما حاولت الدولة سعودة حلقة الخضار وكررت المحاولة أكثر من مرة، وفشلت التجربة لأن المواطن السعودي لم يقبل على هذه الوظائف لصعوبتها والعمل الشاق الذي يرتبط بالعمل في ''حلقة الخضار'' مع أن دخلها لا يقل عن خمسة آلاف ريال شهريا، ولكن يبدأ العمل فيها مع تباشير الفجر، وزقزقة العصافير إذا أردنا إضافة ''جو'' رومانسي على العمل في حلقات الخضار.. كما سعت الدولة جادة إلى سعودة محال الذهب وتعثرت التجربة وفشلت وعاد الأجانب إلى محال بيع الذهب والمجوهرات، كما بدأت محاولات سعودة التاكسي أو سيارات الأجرة منذ 40 عاما وفشلت حتى يومنا هذا، ما الأسباب؟! ومثل هذه الوظائف لا تتطلب أي مهارات سوى الرغبة والحاجة والجدية في العمل.. واضح أن من أهم الأسباب في العزوف عن بعض الوظائف والمهن هو متطلبات العمل الشاقة، وليس تدني الرواتب فقط.. فسائق الأجرة والبائع في سوق الخضار يصل راتبه إلى أكثر من خمسة آلاف ريال شهريا إذا جد واجتهد في كسب رزقه.
باختصار.. نعم لقد أصاب روبنسون، فالعمالة الوافدة لا تنافس المواطن في كثير من المهن اليدوية والحرفية، وما زلنا نحتاجهم إلى سنوات طويلة قادمة.
خذ عندك لو تم حظر استخدام الحلاقين كيف نتصرف؟ سوف يحمل كل واحد منا فوق رأسه، ما يسمى ''كدش'' فنصبح كلنا بكدوش.
وهكذا يتضح أن السعودة شعار عظيم ولكن يحتاج إلى دراسات أكثر وأعمق لنعرف ما يجب سعودته.. وما يجب أن يبقى على حاله ولو إلى حين.