[fieldset=إذا الشعب يوما]أروع قصيدة عندي منذ الصغر لأبي القاسم الشابي
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ ( للحق أن ينتصر ) .... وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر .... فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِر .... وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر .... وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر
وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر .... فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر
وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر .... وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ : " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البشر
قد مُنحـتِ الحياةَ وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر .... وباركـكِ النـورُ فاستقبـلي شبابَ الحياةِ وخصبَ العُمر
ومن تعبـدُ النـورَ أحلامـهُ يباركهُ النـورُ أنّـى ظَهر .... إليك الفضاء ، إليك الضيـاء إليك الثرى الحالِمِ الْمُزْدَهِر
إليك الجمال الذي لا يبيـد إليك الوجود الرحيب النضر .... فميدي كما شئتِ فوق الحقول بِحلو الثمار وغـض الزهـر
وناجي النسيم وناجي الغيـوم وناجي النجوم وناجي القمـر .... وناجـي الحيـاة وأشواقـها وفتنـة هذا الوجـود الأغـر
وشف الدجى عن جمال عميقٍ يشب الخيـال ويذكي الفكر .... ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء وَضَاعَ البَخُورُ ، بَخُورُ الزَّهَر .... وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ الجَمَالِ بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ الْقَمَـر
وَرَنَّ نَشِيدُ الْحَيَاةِ الْمُقَـدَّسِ في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر .... وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر
إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ فَلا بُدَّ ( للحق أن ينتصر )[/fieldset]