أيهـا السـادة
إن الصحة والوقت والعقل، كلُّ ذلك مال،
وكلُّ ذلك من أسباب السعادة لمن شاء أن يسعد.
وملاك الأمر كلِّه ورأسه الإيمان،
الإيمان يُشبع الجائع، ويُدفئ المقرور،
ويُغني الفقير، ويُسَلِّي المحزون، ويُقوِّي الضعيف،
ويُسَخِّي الشحيح، ويجعل للإنسان من وحشته أنسًا،
ومن خيبته نُجحًا.
وأن تنظر إلى من هو دونك، فإنك مهما قَلَّ مُرَتَّبك،
وساءت حالك أحسن من آلاف البشر
ممن لا يقلُّ عنك فهمًا وعلمًا، وحسبًا ونسبًا.
وأنت أحسن عيشة من عبد الملك بن مروان،
وهارون الرشيد، وقد كانا مَلِكَي الأرض.
فقد كان الرشيد يسهر على الشموع،
ويركب الدوابَّ والمحامل، وأنت تسهر على الكهرباء،
وتركب السيارة، وكانا يرحلان من دمشق إلى مكة في شهر،
وأنت ترحل في أيام أو ساعات.
فيا أيها القراء
إنكم سعداء ولكن لا تدرون،
سعداء إن عرفتم قدر النعم التي تستمتعون بها ..
سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواها..
سعداء إن طلبتم السعادة من أنفسكم لا مما حولكم ..
سعداء إن كانت أفكاركم دائمًا مع الله ..
فشكرتم كل نعمة، وصبرتم على كل بَلِيَّة،
فكنتم رابحين في الحالين،
ناجحين في الحياتين.
والسلام عليكم ورحمة الله.
مقتطفات من كتاب صور وخواطر
للشيخ علي الطنطاوي، دار المنارة، (ص17) بتصرف