عبد الرحيم و عبد العزيز << وفقهم الله لكل خير إن شاء الله
بينما أقلب في صفحات كشوكلي و الذكريات و جدت هذه الصفحة
أخوين أشقاء .. عبد الرحيم و عبد العزيز
الأول يعاني من قصر الطول أحدى ساقيه في عظمة الساق و النتيجة أنه لما يمشي يعرج
و أخوه عبد العزيز بالنسبة له كخادمه المطيع لما يأمره عبد الرحيم يلبي أوامره لدرجة أنه يوقظه من النوم حتى يبحث معه عن غرض معين فقده في البيت و يريد منه البحث عنه معه ... و استمرا مع بعضهما هكذا حتى علم عبد الرحيم أخاه عبد العزيز المخدرات << الأخ الأكبر يعلم الأخ الأصغر الشر و البلاء ...... هداهم الله و أصلحهم << فلننظر نحن لأنفسنا ماذا علمنا من هو أصغر منا ؟
في فترة كان عبد الرحيم يراقب ابنة الجيران و ينظر إليها عبر فتحة صغيرة من النافذة حتى دخلت قلبه و أحبها و حلم أنها ستكون زوجته و وضع في باله أنها زوجته فعلاً .... فتقدم لها وهو عاطل فرفضوه لسببين السبب الأول لأنه أعرج و السبب و الثاني لأنه عاطل عن العمل ....... فحزن حزناً شديداً فزاد شوقه لها في ليلة فسكر و سكر حتى الثمالة " و العياذ بالله " و خرج من بيته وهو لا يعي ما يفعله و صرخ بأعلى صوته و وقف أمام بيتها و نادى بإسمها يا " ..... " أنا أحبك .. أنا أحبك وهو يبكي و يصرخ و في حالة هيجان و سكر أنا أحبك يا " ..... " أنا أحبك ودي أتزوجك .. ودي أتزوجك زوجوني إياها ... أبغاها لي فخرج أخوانها و اتصلوا على أخيه الأكبر ســ .... و اخبروه عما يحصل فخرج له و أتى معه عبد العزيز و رأو أخاهم في هذه الحالة التي يرثى لها و سحبوه بالقوة إلى البيت وهو يبكي ....... و بعد فترة قصيرة سبحان الله تزوجت هذه الفتاة
تألم فؤاده و حزن حزناً شديداً لما عرف بأمر زواجها فصار غارقاً أكثر و أكثر في عالم الفراغ و العطالة و مستنقع المخدرات حتى أنه يقضي جل وقته خارج البيت و يسهر ليالي و أيام و لا أحد من عائلته يعرف عنه أين يغيب و ماذا يفعل .... بعد فترة من الزمان بينما كان عبد الرحيم و عبد العزيز على الرصيف يرافقهم الفراغ في بداية الإجازة الصيفية لا حظا أن أغلب من في حيهم من الجيران قد سافروا و تركوا منازلهم لقضاء الإجازة في ديارهم البعيدة ... و استغلا صمت الليل و هدوءه و ظلامه فكانت الفرصة المناسبة بالنسبة لهم للسرقة و السطو ... و فعلاً قفزا على بيت جيرانهم و كسروا الأبواب و دخلوا البيت و سرقوا الذهب و لكنهما بعد فترة أمسكت بهم الشرطة و حكم عليهما بـ خمس سنوات سجن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ........ في الحقيقة عبد العزيز الأخ الأصغر لم يكن يريد أن تكون احواله هكذا و لكنها الطاعة العمياء لأخيه عبد الرحيم ...
و صف عبد الرحيم : شاب أعرج و أسمر بني اللون و نحيف
و صف عبد العزيز : شاب به قصر حنطي اللون و نحيف
مرت تلك الأعوام التي تتخللها الإجازات و الأعياد و المناسبات العائلية و الوطنية و حدثت الكثير من التغيرات في العالم الخارجي و أقصد بذلك العالم " خارج أسوار السجن " فالحياة داخل السجون عالم ذو روتين واحد حيث القيد و الملل و الحزن و الكبت جزء من حياتهم ........... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
تغيرت الكثير من الأشياء و تطورت و هم لا يعلمون شيئاً عنها و أصدرت الكثير من القرارت الوزارية و هم لا يعلمون عنها فحياتهم التي تعودوا عليها و التي اختاروها في خلال هذه الفترة هي حياة القرآن الكريم و الصلاة و الدعاء الممزوج بالدموع و الرجاء و التوبة و الإنابة إلى الله عز و جل ....
في ليلة من الليالي من شهر شوال من عام 1430هـ إن لم تخني الذاكرة و عند الساعة الـ 9:00م و بينما هم نائمون دخل على عنبرهم " العسكري " و قال لهم " جاكم إفراج جهزوا أغراضكم و بعد ساعة بأخذكم توقعون الأوراق ........ إلخ "
لم يصدقوا و لم يستوعبوا ما سمعوه و نظروا إلى بعضهم و هم في ذهول و فرحة في داخل قلوبهم و لكنها مرتابة مابين مصدقة و مكذبة و فعلاً و في تمام الساعة الـ 10 قد خروجوا و قد أوقفوا سيارة أجرة لتوصلهم إلى بيتهم فأعطوا كل ما لديهم من مال لصاحب الأجرة من شدة الفرحة ........
و في موقف حصل بينهم كانت المفاجأة ... فلقد طلب عبد الرحيم من عبد العزيز أن ينفذ ما يأمره به في موقف معين وهم يوقفون سيارة الأجرة لكن عبد العزيز رد عليه قائلاً : (((( خلاص كفاية .. كفاية ما عاد راح أسمع كلامك .. سمعت كلامك و النتيجة 5 سنين ضاعت من عمري بسببك ما عاد راح أسمع كلامك ))))
وصف عبد الرحيم بعد خروجه من السجن : شاب وسيم الوجه أبيض البشرة و وزنه معتدل ماشاء الله تبارك الله
و صف عبد العزيز : زاد وزنه و منظره يوحي أنه شاب مهذب و رزين
سبحان الله عبد الرحيم كان أسمر اللون ... هل هي ذنوبه أم إهماله لنفسه و نظافته الشخصية فلقد كان يقضي وقت الظهيرة في الشوارع و التسكع هنا و هناك ليلاً و نهاراً ........... أما عبد العزيز صار يحافظ على الصلاة و يحب الضحك و المزاح و يبحث عن العمل حتى يتزوج ..... فسبحان الهادي إلى طريق السلامة و النجاة سبحان من يغفر الذنوب كلها صغيرها و كبيرها فلك الحمد و لك الشكر يار حمن الدنيا و الآخرة ....
فلاش : لما رأوا التغييرات الكثيرة فيما حولهم كــ " السيارات - الجوالات - الرسيفر الرقمي " الديجيتال " - كثرت القنوات - التغير موضة الملابس - القرارات الجديدة التي حصلت في البلد - تطور المنطقة التي يقطنون بها حينها بدأوا يسألون على سبيل المثال ... ما هذه السيارة ؟ إنها كامري و من هذا ؟ هذا ولد أخوك .. عن جد !!؟؟؟ إيه ... كنت أحسبه ولد الجيران أو أحد القرابة اللي زارونا أمس .. منو هذا اللي صلى بقربنا ؟ هذا فلان تذكره ولد جيراننا الصغير !!!! هذا ........ اللي كان و اللي ... و اللي ....... إيه هذا هو ... و الله و كبر و صار أطول مني ............... منو .. و كيف .. و متى .. و ليه ...... أسألة و أسألة و مقابلات و عشاء للضيوف و الأقارب بمناسبة خروجهم و لقاء بعد غربة 5 سنوات و أخذ بالحضن و إبتسامة و ضحك و سلام و سؤال عن الأحوال .... و قلب متألم خجل و 5 سنوات ضاعت لأجل فعل خاطيء غير صحيح لأجل وسخ دنيا
هدانا الله و إياهم و أصلحنا الله و إياهم و غفر الله لنا و لهم و للمسلمين
كلمة أخيرة : هل من بيننا من يحس أنه مسجون و هو خارج السجون ؟ نعم هناك حبيس الهوى و الغربة و الحزن و الضيق و الهموم المتكالبة عليه ليلاً و نهاراً ..... نعم فهناك من احاط نفسه بهالة من الكآبة و البعد عن الناس ... نعم هناك من قيد نفسه بالماضي و فضل حياة العزلة و الشقاء ... هناك من قيد نفسه و سلسل عقله و لم يحرر روحه من البؤس و الشقاء الداخلي و كأنه سجين و لكنه سجين خلف قضبان خيالية غير مرئية .... فنتأمل مشاعر من سمع بخبر الإفراج عنه ... و هناك كثير من الأرواح التي لا تقدر الحياة لأنها أشقت نفسها و قلبها و روحها و عقلها في عالم الأحزان .... حقاً لا يعرف قيمة الشيء إلا إذا فقده
فلنقدر الحياة و لنقل الحمدلله على كل حال و على كل الأحوال و للنظر إلى كل النعم التي ننعم بها كنعمة الصحة و الستر و الدين و وجود الوالدين حولنا و معنا حتى لو كنا عاطلون عن العمل حتى أنجرحت قلوبنا من أقرب الناس لنا و أحبهم إلينا حتى لو أحسسنا بالخيانة و الوحدة و الحزن فالله ربنا معنا يرانا فلم نيأس و لم نحزن على دنيا ستتركنا يوماً من الأيام و لم نتصرف تصرف نعتقد بأنه إنتقام لما يحصل لنا و لم نضع اللوم على الدنيا و الحظ العاثر مالنا و مال الدنيا نحن يجب أن ننظر إلى أفعالنا و علاقتنا بالله عز و جل
فالله كريم رحيم هو أرحم الراحمين و اكرم الأكرمين
و لنتذكر بان هذه الدنيا هكذا لا حال لها يدوم فإذا كنت اليوم بصحة فإنك لا تعلم ربما غداً أنت مريض و إن كنت اليوم حزيناً و شقياً فلا تعلم ربما أنت غداً سعيداً و مرتاح البال ... قالها لنا الجيل السابق ((((( الصبر مفتاح الفرج ))))) و لا اعظم من قول الله تعالى لنا و نصحه و إرشادنا لنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153
فإن ألم بنا أمر فلنستعن بعد الله بالصبر و الصلاة حتى نتشرف بأن يكون الله معنا حينما نصبر إن شاء الله تعالى
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك
التعديل الأخير تم بواسطة الغازي ; 13-11-2012 الساعة 11:46 AM
|