الف طبيب مزورعلي سعد الموسى
أكملت شرب القهوة ساخنة وأنا أقرأ تصريح مسؤول وزارة الصحة أنهاألغت عقود وتصاريح ما يقرب من خمسة آلاف طبيب وممرض وفني في القطاع الخاص إما لعدمتوفر الشروط في حالات وإما لاكتشاف تزوير الشهادات والخبرات في حالات أخرى بالمئات. أكملت شرب القهوة لأن الخبر لم يهزني ولم يدخلني إلى مفاجأة من عيار ثقيل أو خفيفلأنني مؤمن مسبقاً أن الإخوة من أباطرة القطاع الصحي الخاص يتعاملون مع العلاجوالدواء بنية استثمارية لا أخلاقية. المسألة ببساطة تختصرها المعادلة التالية: فعطفاً على التصريح الوزاري، هناك ما يقرب من الألف طبيب بشهادات مزورة وبافتراض أنالطبيب الواحد سيشاهد خمسة مرضى في اليوم، فإن خمسة آلاف مواطن مريض هم الضحيةالتلقائية. أتعرفون لماذا التزوير؟ لأن المراكز الصحية بكل بساطة تنافس محلاتالخضار والحلاقين على نواصي الشوارع ومن يتمعن في انتشارها الكثيف يظن أن البلدموبوء بالطاعون، ومع هذه الكثافة لا بد من ملء الفراغات بكل من دب عاطلاً في شوارعبلده فهب إلينا يحمل سماعة طبية.وقد قلت سابقا إن أسهل مهنة يمكن تزويرها - بالفعل - لا الورق هي مهنة الطبيب العام ناهيك عن أنني قد أقسمت، ومازلت عند قسميأنني بالفهلوة والتمثيل قادر بامتياز على علاج عشر حالات في اليوم، بمجرد حمل سماعةتمرر على الصدر والبطن وخشبة للكشف على الحلق ثم فرك العين وتوجيه الكشاف إلىالأذنين ثم تأتي بعدها الوصفة المألوفة: مسكن للألم من فصيلة "الباراسا يتمول - وواحد من المضادات الحيوية الخمسة المألوفة في السوق. فوق هذا يجب أن تستعدللسؤال التلقائي من المريض: ما هو السبب؟ الجواب: فيروس عائم في الجو وكأن هذهالفيروسات التي يصعب أحيانا على المجهر الإلكتروني كشفها، كأنها ضفادع جوية أوأسراب جراد.ما اكتشفناه فقط هو قصة ألف طبيب مزور فماذا عن بقية "الحلاقين" فيالمهن المختلفة؟ كم هم المزورون من أساتذة الجامعات، ومهندسي الإنشاءات، ومحاسبيالشركات، وأرباب الصيدلانيات وبقية الجماعات؟ الذي أعرفه جيداً وأكاد مرة أخرى أنأقسم عليه، وما أكثر قسمي اليوم، أنه لم يأت إلينا أحد بمهنته الحقيقية