الموضوع: [القدر] .. ،
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 05-06-2013, 06:00 AM
الصورة الرمزية دآنيال
دآنيال دآنيال غير متصل
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: لا أعلم
المشاركات: 730
معدل تقييم المستوى: 21474866
دآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداعدآنيال محترف الإبداع
[القدر] .. ،


[align=center][/align][align=justify]

بقلم .. دانيال

في الحادي والعشرين من شهر أيلول في بداية فصل الخريف حيث يتساقط أوراق الشجر، وبعد أن هجرت مدينتي المكتظة بكل ما هو بائسٍ وجميلاٍ تجاه القرية، عبرت عبر أحد الوديان وأنا أفكر بكل ما هو أت متجاهلاً ما قد فات في غابر الأيام، وقفت بنهايه الجسر الخشبي الذي أكل عليه الزمان وشرب يغمرني الحزن واليأس حين قراءة هذه الأبيات التي كانت منحوتة على أحد الأضرحة في باحة أحد الأحياء الشرقية كانت لعاشقاً رثاء حبيبته التي توفيت من عدة سنين.

ما كنتُ أحسبُ قبل دفنك في الثرى
أن الكواكــب في التراب تغـــــــــــــــورُ

وقفت أتأمل ذاك الضريح والنحت لساعه من خلف القضبان الحديدة التي أكل أجزائها الصداء. وأوراق الشجر تلتحف تلك القبور الأخرى وما جاورها وتكسيها من كل جانباً زهور الأقحوان التي يتم بذرها فصل الربيع لتفتن ناظريها خريف كل عام.

أكملت طريقي نحو وسط القرية لأجد غرفة تأويني من ما يخاف الإنسان على نفسه خلال الليل ولتستعيد قدماي نشاطهما بعد أن أنهكها التعب خلال الطريق الطويل. وكم لعنت حضي حين ألف الليل على القرية وأسدل ستاره. وأنا ما زلت أجول الشوارع كأعماء يبحث عن مصباح فلا يكاد يراء شيئاً حيث غدى الناس خفيه متحلقين على الشموع في منازلهم المتهالكة لابثين ومترقبين في مشهداً غريب وكأن الموت في تلك اللحظة يطوف عليهم. وما كدتُ أرى مصباحاً في أخر الشارع الذي كنت أهيم به حتى ركضت متوجها له خشية أن أضيع مره أخرى وما إن اقتربت منه حتى عثرت قدماي بسبب أحد الأحجار التي كانت في الطريق فإذا بي أسقط على وجهي وتنفتح أحد شنط متاعي. التي أنهكت يداي وإذ بصاحب المصباح يقترب مني وكنت أتألم ولا أكاد أدرك ما يجري حولي إلا أنني سمعت صوت أكثر من شخص يتجادلون فإذا بيد أحدهم تنهال على جسمي من أخمص قدماي حتى راسي تتحسسه بسرعه حتى أخرج محفظتي التي كانت في جيب معطي الأيسر وكان الأخر يلملم ما سقط من حقيبتي.

وما هي إلا لحظات حتى أدركت بأن ضوء المصباح قد أختفى وقفت على قدماي ونظرت إلى جسمي الذي أشقاه السفر والبحث، فصرت اجري بين تلك المنازل أطرق أبوابهم وأصيح طالباً إغاثتهم حتى تمالكني اليأس وأشتد علي التعب فلا ماء يروي عطشي ولا أكلاً يسد جوعي ولا نوراً يضيئ لي الطريق ولا مئواً يحرسني من الموت الذي يحوم حولي. فكنت أسقط مره وأمشي مره وأركض مره كالمجنون الذي يطارد عقله محاولا الإمساك به في تلك المدينة المظلمة. فما لبثت أن سيطر علي اليأس فأسندت ظهري قرب أحد زوايا البيوت أستعيد فيها نفسي الذي أنقطع فوقعت عيناي على حافة معطفي فإذا به بقع غزيره من الدماء فأخذت اتحسس جسدي كالمخبول أريد معرفة مصدرها وقلبي ينبض بسرعة جنونيه وكأنني أدركت أن الموت ملاقيني ولا مفر منه.

قمت اتفحص أماكن متفرقة من جسمي وأنظر إليه بصعوبه من خلال ضوء القمر الذي كان الشاهد الوحيد على ما كان لي من أحداث في ذلك اليوم المنحوس فإذا بكدمة اصابت صدري وجروحا حول يدي والشق الأيمن من وجهي.

غمرني اليأس وأغرقني في متاهاته فلا أعلم مالذي حدث وما كنت قد فعلت حتى أستحق كل هذه الحماقات فدخلت في عاصفة تفكيراً ولوماً مع نفسي أسترجع ذكرياتي فقد كنت محاسباً لضميري نهاية كل يوم إلا عملاً واحداً كنت أعلم بأنني لن أستطيع التكفير عن ذنبه حتى لو عكفت على عبادات ألفِ عاما وأي عمراً بقي لي حتى أفعل. فسيان للأمرين عندي لأنني فقدت أملي في النجاة واستعجلت هلاكي في العالم الأخر فكيف بي في هذه الدنيا وحالي الميؤوس منه الأن ولعل ما يحصل لي الأن مجرد بداية لن تنهيها إلى أيادي القدر وما لي قدره غير الاستسلام وسد فمي بحجارة صلدة حتى يرئف بي الرب وألا أن أكون من الهالكين.

نفضت التراب عن ملابسي وأخذت أسير مترنحاً يمنه ويسره في الطريق متخذا أحد العصي التي كانت مرميه على أحد جوانب الطريق سنداً وعضداً لي حتى يقضي الله أجلاً كان مفعولا. فتجولت بخفه داخل أحد أحياء القرية في الظلام الحالك. فإذا بضوء ناراً كانت تخرج من أحد ممرات البيوت فأخذت أسير نحوها متخفياً حتى لا يتكرر علي ما قد كان لي في تلك الحادثه. فإذا برجُليين متسولان يقتاتون من بقايا الطعام ويلبسون البالي من الثياب وحالهم مزري وعلامات البؤس والشقى الواضحة في ملامح وجوههم. فخرجت تجاههم أجر نفسي فقام أحدهم يهرول ناحيتي يتلقاني هو وأخر كان خلفه.

وكما أسلفت لكم يا سادة بأنني كنت عاجزاً كل العجز عن الوقوف بعد أن تلقاني هؤلاء الغرباء وما كان لي مفر غير الالتجاء إليهم علني أظفر قليلا من ما هم عليه فلعلي أصلح حالي وأتقي شر ما بقي من هذه الليلة أو أن أهلك بين أيديهم فبذلك أكون قد استوفيت ما بقي لي من العمر الذي كنت جازماً بانه لا يحمل لي في طياته إلى كل ما هو مؤلم.

وبعد أن أسنداني على لوحاً خشبي قاس كان أحدهم يستلقي عليه سرقت النظر لاستكشاف المكان بسرعه فوقعت عيناي على شخصاً ثالث قابع في الزاوية لم أره وقد كان مجعد الراس واللحية وينفخ دخان الغليون الذي كان بين يديه .. فأبتسم لي وأخذ يتمتم بكلماتاً لم أفهمها فما كان مني إلا أن أرد له تلك الابتسامة فنهض مسرعا نحوي وهو يعرج وبداء وكأنه يبحث عن علامة فيني فصاح لأحد الأشخاص خلفه قائلاً .. تعال وأنظر أليس هذا الشخص الذي سرقناه قبل قليل، وإنه لمن المضحك أن يأتي إلينا بنفسه فقد كف عنا عنى البحث عنه ..فقد كاد أمرنا أن يفتضح ونحن نحاول سرقة ذلك الدكان عندما هم الينا يركض.

سقطة أحد قطرات الزيت من ذلك الفانوس الذي كان يحمله بين يديه على فخذي الأيمن فحرق جلدي وكدت أن أصيح من شدة ألمها فرحت أحاول جاهداً أن أتملص من بين أيديهم فأمسكني احدهم بكلتا يديه العملاقتين على عنقي محاولا خنقي..فما كان لي من قدرة على الهروب من بين أيدي هؤلاء الثلاثه غير أنني أسلمت جسدي لتلك اللحظات ولج عقلي بألف ذكرى وذكرى وفجاءة جعلوا يسكبون زيتا حارقا داخل فمي تقطعت به أحبال صوتي وكأنني كنت نجم فلم يعرض على الأرض وكان المشاهدين القمر والنجوم في السماء فلم أحتمل كل ذلك الألم ولا تلك النظرات القاسية في عيونهم غير أنني فعلا وفي تلك اللحظات فقط أدركت ما معناه سخرية القدر.

[/align]

التعديل الأخير تم بواسطة الراآسيه ; 07-06-2013 الساعة 03:02 AM