يشعر الناس بالذنب اذا ارتكبوا خطأ اساؤوا به لانفسهم او لغيرهم. والاحساس بالذنب اشارة تحذيرية يبدأ معظم الناس بتلقيها في المراحل الاولى من حياتهم عندما يبدأون تعلم التمييز بين الصواب والخطأ، بين المقبول وغير المقبول، بين النافع والضار، بين الخير والشر. ويفيد الاحساس بالذنب في دراسة اشمل لسلوكنا ومعرفة كيف يؤثر هذا السلوك في حياتنا وحياة الاخرين. ويدفعنا هذا الاحساس الى اعادة النظر في الخطأ كيلا نرتكبه مرة بعد مرة. فكيف نواجه الاحساس بالذنب؟ وكيف نتعامل معه لتعديل سلوكنا وانتهاج سبيل افضل بحيث نتمكن من مواصلة مسيرتنا الحياتية؟
-فكر بالذنب الذي تحس به والغاية منه. فالاحساس بالذنب يساعدنا في ان نكبر وننضج فنحن اذا شعرنا بالذنب بسبب ملاحظة مسيئة للاخرين او اذا كنا نعمل ثمانين ساعة اسبوعيا على حساب اطفالنا وعلاقتنا بهم فان هذا الشعور بالذنب هو رسالة تحذيرية ذات غاية: بدل سلوكك او اخسر اصدقاءك او اسرتك. طبعا بامكاننا ان نتجاهل هذه الرسالة التحذيرية ولكننا نعرف ان التجاهل هنا قد يكلف كثيرا. نقول ان هذا الشعور بالذنب شعور صحي لانه يلفت انتباهنا الى ضرورة اعادة النظر في طريقة معيشتنا. واذا كنت تشعر بالذنب لانك تأكل كثيرا من الحلويات والمواد الدسمة، فهذه اشارة من عقلك الى انك تسرف في تناول الطعام الذي قد يضرك على المدى الاطول. ولذلك فان الاستجابة المقبولة لهذا الشعور بالذنب هي ان تحاول اقناع نفسك بضرورة تغيير هذا السلوك والاكتفاء بتناول الطعام الصحي بالكمية المناسبة.
-ادخل تعديلا على سلوكك في اقرب فرصة ممكنة. اذا كان الاحساس بالذنب ذا سبب واضح، قرر ان تعدل سلوكك بالشكل المناسب وبالسرعة الممكنة. وهذا يتطلب قوة ارادة ومثابرة وبعد نظر. فالشعور الصحي بالذنب يعني اننا امام ضرورة اصلاح علاقاتنا بانفسنا وبالاخرين. اما الشعور غير الصحي بالذنب فهو شعور مؤلم لسبب غير مشروع. وسيعود الاحساس بالذنب مرة بعد مرة ليزعجنا ويقض مضاجعنا الى ان يكون واضحا اننا تلقينا الرسالة وعملنا بها. وكلما اسرعنا في تلقي الرسالة والعمل بها كان ذلك ادعى الى التخلص من الشعور بالذنب وآلامه.
-تعلم من اخطائك. فالاحساس بالذنب ليس الهدف منه هو ان يجعلك في وضع نفسي مؤلم. الاحساس بالذنب هو محاولة لشد انتباهك الى ضرورة ان تتعلم شيئا جديدا من خبراتك الحياتية. واذا تعلمت من اخطائك فان الارجح هو انك لن ترتكب مثلها مرة اخرى. فاذا اسأت لشخص آخر فالاحساس بالذنب هو رسالة لك بان تعتذر للشخص وان تكون اكثر حذرا في التعامل مع الاخرين في المستقبل.
-الكمال ليس ممكنا. وليس من شخص بلغ حد الكمال. حتى الاشخاص الذي يلفتون انتباهنا بلباقتهم وذكائهم وثقافتهم العالية يرتكبون اخطاء يندمون عليها وتشعرهم بالذنب. والسعي الى الكمال في اي مرحلة من حياتنا وفي اي محاولة من محاولاتنا سعي محكوم عليه بالفشل. اذن الناس جميعا يرتكبون اخطاء. ويعاني بعض الناس من احساس بالذنب مؤلم بشكل مبالغ فيه الى درجة انهم لا يعرفون طعما لسعادة وتصبح حياتهم سلسلة من العذابات والالام. وهذا سببه عدم القدرة على فهم ان الانسان خطاء، وان المفتاح للتخلص من هذا الاحساس بالذنب هو ان يعترفوا بالخطأ وان يقبلوا انهم ارتكبوه لانهم بطبيعتهم البشرية خطاؤون. ليتوقف هؤلاء عن جلد انفسهم في الليل والنهار. ليوقفوا هذه السلسلة غير المنتهية من التفكير بانهم لو فعلوا كذا لكان الوضع افضل، ولو قالوا كذا لكان بامكانهم ان يستفيدوا او يربحوا او يتقدموا. هذا النمط من التفكير يستنفد الطاقة دون ان يقدم حلا للمشكلة.
-اعترف بالخطأ، وصحح، وواصل المسير. واذا ارتكبت خطأ فان عليك ان تعرف انك لا تستطيع ان تغير الماضي ولكن بامكانك ان تدخل تعديلا على سلوكك اذا كان ذلك مناسبا او ممكنا. اعتذر عن الخطأ او قدم تعويضا عنه. ولا تتوقف عنده. وواصل المسير.