لا اعلم إن كان العنوان يحتمل ما سأكتب
يحدثونني عن الأوطان وأحدثهم عني أنا الذي لم أُفتن بحب ذاتي يوما يسمعونني ولا أكاد اسمعهم فأنا لجوعان وعريان مثلى أن يشغله شئ سوى ترقيع ثوب أحلامه وستر عورة جوعه يقولون شاب أشعل بجسده ثورة فواعجبي كيف لم تشعل محارمنا التي انتهكت على أرض فلسطين وبغداد ولا حتى جمره ولو أني قلت لهم أن الوطن ما كان في عينيه لحظة إحراقه جسده وأن كل ما كان يبحث عنه هو حلم يلتهمه ليقيه ألم الجوع وذل السؤال لقالوا إثم إفتريته نعم هو كان يحلم في أن يجد له مكانا بين الأحياء فتذكرة العيش أصبحت باهظة الثمن هذه الأيام وهذا ما لا يعيبه في شئ ولكن الذي يعيبنا أن ندعي أن من أخرج لنا هذه الجموع هو نداء الوطن وننكر أن الذي أحرقه هو ذات الشئ الذي أخرجنا إنه الجوع فأمريكا التي بسياساتها قد صنعته أدركت أن ثمة ثورة للجياع قادمة لا محالة فأعدت لها واستعدت مستفيدة من الثورات العربية الكبرى مدركة تماما أن الجياع لا يقرؤون التاريخ وأنهم سيسيرون على خطا الأجداد فهم الأمل في إخراجها من عنق الزجاجة التي حشرت العالم كله فيها إنهم كحصان طروادة بالنسبة لها تخترق بهم حصون الوطن لتدمره من الداخل وإن في تطاحنهم وقود بقائها متربعة على عرش العالم الذي سيسهل عليها فيما بعد إعادة تشكيلهم مرة أخرى وفق رؤيتها بعد أن يتم استنزافهم ماديّا وبشريًا وهم يبحثون كيف يردون لها هذا الصنيع الذي لن تتوانى في أن تلقى عليهم بفاتورته الثقيلة الباهظة أعلم جيدا أن ولاة أمرنا هم سرقوا منا أوطاننا وابتاعونا من أنفسنا قهرا فاسترّقونا فأصبحنا طوع أمرهم نقادكما العبيد نجلد بسياط الجهل والفقر والمرض والبطاله ثم يريدوننا أن نكون صالحين ندعو لهم في جوف الليل وبظاهر الغيب وما بين لصوص الداخل و الخارج ضاعت هوية الوطن وأحلام الجياع وأنا ترهبني المسافات الشاسعة ما بين الأمل والألم أمل في أن نبعث من جديد لنعيد صفحات المجد المفقوده أو أن نعود إلى نفس الدرب فنتبعثر أو نتبخر فنصبح كمن باع حلمه بجرعة ألم