عامل بسيط يبدو أبيا رغم تواضع ملابسه عاد حزينا بعد أن فشل في الحصول على أداة يتمم بها عمله تركه صاحب المحل ينتظر طويلا ثم عامله بطريقه لا تنم عن الثقة في شخص هذا العامل الأبيّ فغادر العامل المكان مغاضبا هذا العامل يكد ويكدح منذ الصباح إلى المساء في عمل صعب كله شقاء وينتهى يومه بجنيهات قليله يعمل طوال أيامه على صنع الرفاهية لغيره ولا يحصل إلا على معانقة عينيه لهذه الرفاهية التي تغنيه عن الأحلام حكى لي هذا العامل عن قدر البكاء المرير الذي بكاه عندما وضع قدميه أول مرة في ميدان التحرير وكيف انطلقت من داخله آنات أيام وسنين من القهر والشقاء فظل يبكي في الميدان كالطفل الصغير يبكى أياما جاع فيها واقفا أثناء العمل في صغره وتحسست روحه تلك اليد القاسية التي كانت تبطش به لتعلمه فنون المهنة بالضرب والسب وكيف كان يتم معاقبته بشدة لكي لا يكرر الخطأ وتطوف آلامه مرافقة قلقه بين تلك الأكمنة الأمنية التي تستوقفهم في طريق العودة إلى البيت في أوقات متأخرة بعد السهر طويلا في العمل ترك هذا العامل البسيط عالمنا الذي نفرشه بعبارات فلسفية لا نفقه معظمها وديباجات طويلة نتحدث بمضمونها قبل أن نستكمل قراءتها تركنا لنحيا في وهم المعرفة والثقافة وذهب ليغيب مع ضجيج طواحين الحياة القاسية من جديد ولم يحمل من ثورته زادا غير تلك اللحظات التي حلم فيها بعالم أفضل ورأى صرخاته تحقق الحلم وتسقط أبراج الظلم والطغيان.
أما آن لنا أن نخشع قليلا