الديوان النشأة و التأسيس
يمثل ديوان المظالم صرحاً شامخاً من صروح العدالة في هذه البلاد المباركة والتي تعنى بالعدل بشتى صوره، فديوان المظالم هيئة قضاء مستقلة تسعى جاهدة بكل السبل والوسائل لإرساء العدل والإنصاف والرقابة القضائية الفاعلة على الأعمال الإدارية من خلال الدعاوى الماثلة أمامه لضمان حسن تطبيق الأنظمة واللوائح المقررة وتطوير آليات التواصل مع جهات الإدارة بتمكينهم من وسائل التظلم من قرارات وأعمال الإدارة المشوبة بعدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو السبب أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها ، أو إساءة استخدام السلطة بما يكفل تحقيق العدل واسترداد الحقوق ورد المظالم لأهلها، لذا فقد اهتمت المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ طيب الله ثراه ـ بتخصيص جهة للفصل في المظالم إلى حين أن اتضحت معالم الديوان وتحددت اختصاصاته بموجب المرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 17/7/1402هـ ، ثم توّجت تلك الإنجازات العظيمة بعد ذلك بالإعلان الرسمي لأكبر مشروع وطني تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – والذي تكاملت معه تلك المعالم الزاهرة والعطاءات الزاخرة بموجب المرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ.
منذُ أن تأسست هذه البلاد المباركة و تشكلت أجهزة الدولة الرسمية بها وقامت دولة المؤسسات والنظام كانت ولاية المظالم من أولويات الدولة ، فلقد أولاه ولاة أمر هذه البلاد المباركين جل اهتمامهم البالغ لأنه متى وجد العدل وجد الأمن والاستقرار ، فديوان المظالم مر بالعديد من المراحل التطويرية لكثرة ما أسند إليه من مهام جسيمة ، وهذا دليل واضح وملموس لاعتناء ولاة الأمر به فديوان المظالم منذُ إنشائه شعبة بديوان مجلس الوزراء إلى أن صدر المرسوم الملكي رقم 78/م المؤرخ في 19/9/1428هـ بإصدار نظامه الجديد ويقوم برئاسته رئيس بمرتبة وزير فهو مرتبطاً ارتباطاً رسمياً بملك المملكة لعظم مكانته وعلوها ومتابعته متابعة حثيثة وتطويره وآلياته أولاً بأول فقد مر بأربع مراحل كالتالي :
المرحلة الأولى :
إنشاء شعبة المظالم بديوان مجلس الوزراء بموجب نظام شعب مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 12/7/1373هـ والتي نصت في المادة (17) على أنه : " يشكل بديوان مجلس الوزراء إدارة عامة باسم : ( ديوان المظالم ) ويشرف على هذه الإدارة رئيس يعين بمرسوم ملكي وهو مسؤول أمام جلالة الملك ، وجلالته المرجع الأعلى له " .
المرحلة الثانية :
بعد مضي فترة من إنشاء شعبة المظالم رأى ولاة الأمر إحداث نقلة في عمل ديوان المظالم ليواكب الهدف الذي من أجله تم إنشاؤه فصدر المرسوم الملكي رقم (7/13/8759) وتاريخ 17/9/1374هـ القاضي بتشكيل ديوان مستقل باسم ديوان المظالم ويقوم بإدارته رئيس بدرجة وزير يعين بمرسوم ملكي .
المرحلة الثالثة :
أصبح ديوان المظالم في هذه المرحلة هيئة قضاء مستقلة مترتبطة مباشرة بالملك وذلك وفقاً لنظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 17/7/1402هـ وكانت اختصاصات الديوان في ذلك الوقت على النحو التالي:
القضاء الإداري : وهو الاختصاص الأساسي للديوان ومن أجله أنشئ وهو على أربعة أنواع :
النوع الأول : الفصل في المنازعات المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد لموظفي الدولة ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة .
النوع الثاني : الفصل في المنازعات المتعلقة بالطعن في القرارات الإدارية للأسباب المنصوص عليها في النظام .
النوع الثالث : الفصل في الدعاوى المتعلقة بالتعويض الموجهة من ذوي الشأن إلى الحكومة والأشخاص ذوي الشخصية المعنوية بسبب أعمالها .
النوع الرابع : الفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو إحدى الشخصيات المعنوية العامة طرفاً فيها .
القضاء التأديبي : وهو الفصل في الدعاوى التأديبية التي تقام ضد الموظفين لمخالفات تتعلق بأعمالهم الوظيفية أو سلوكهم الأخلاقي .
القضاء الجزائي : ويشمل الفصل في الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في بعض الأنظمة والمراسيم الملكية ، مثل : جرائم الرشوة ومباشرة الأموال العامة وجرائم التزوير وغيرها.
القضاء التجاري : ويشمل الفصل في الدعاوى التجارية وما يتعلق بها استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم (421) وتاريخ 26/10/1407هـ .
طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية : وذلك استناداً إلى المادة (8) من النظام السابق للديوان .
الفصل فيما يحال إلى الديوان بقرار من مجلس الوزراء أو النصوص التي ترد في بعض الأنظمة مسندة الفصل في المنازعات الواردة فيها إلى الديوان .
المرحلة الرابعة (الحالية):
بعد تجربة زهاء ربع قرن استشرف خلالها المنظم السعودي مستقبل القضاء الإداري في المملكة وسبل دعمه وتطويره وتخصيصه ، قام المنظم بإصدار نظام ديوان المظالم الجديد بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ والذي حدد الأطر الجديدة للقضاء الإداري بما يلي :
تحويل فروع الديوان الحالي إلى محاكم إدارية ، وإنشاء محاكم إدارية في باقي مناطق المملكة وكذلك تحويل هيئة التدقيق بالديوان إلى محكمة استئناف إدارية بمدينة الرياض ، وإنشاء محاكم استئناف إدارية بمحافظة جدة والدمام وأبها .
إنشاء المحكمة الإدارية العليا .
إنشاء مجلس للقضاء الإداري ، وتحديد الاختصاصات والوحدات التابعة له .
سلخ القضائين التجاري والجزائي وهيئات تدقيقهما بالقضاة والأعوان من الديوان إلى القضاء العام .
اختص الديوان بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة العسكرية ، والنظر في دعاوى إلغاء قرارات المجالس التأديبية واللجان شبه القضائية ، وجمعيات النفع العام في القرارات المتصلة بنشاطها .