أختي / أخي المواطن حين تقرر جازماً الذهاب إلى الأحوال المدنية لإنهاء معاملة ما , لا تنسى رسم ابتسامة عريضة وعريضة جداً , ومن ثم مطّها جيداً من الأذن إلى الأذن , كي يرضى عنك موظفوا الأحوال المدنية ,
مع أن هذا قد لا يجنبك سخطهم و (أخلاقهم التجارية) , والقذف بملفك الأخضر العلاقي الجميل على أحد رفوفهم ليضيع بين إخوته في زاوية قد استحالت غابة .. لكثرة ما تحوي من الملفات !
لذا حين تفكر في المرة القادمة العودة لمراجعتهم , أحضر معك ملفا أخر و أنسى أمر الملف الأول بما فيه ..
وحذارِ أن تغضب لأن هذا لن يجدي شيئاً , بل قد تكون جنيت على نفسك , فيكون مصير معاملتك الدرك الأسفل من المعاملات المغضوب عليها
ربما تتساءل الآن بعد قراءة ما سبق : وأين النظام من كل هذا ؟
سأرد عليك : ذهب مع الريح !
ثم عن أي أنظمة تتحدث ؟! الأنظمة العائمة في غالبية دوائرنا الحكومية تخط على الورق فقط , وتنفيذها واقع مغاير .. مخالف تماماً , يخضع لـ (تكفى يا فلان و واللي يرحم والديك يا فلانة ) , كما يخضع لأهواء وحالة الموظف النفسية فيما رغب بتسهيل مرور معاملتك أم إيقافها إلى أجل غير معلوم
فمثلا عند ذهابكِ أختي الكريمة لإصدار بطاقة هوية وطنية , لا تنس إحضار جميع ما يخصك من أوراق ثبوتية وغير ثبوتية من شهادة ميلاد حتى جواز السفر مروراً بـ كرت العائلة , إضافة إلى تعريف من جهة عملك أو جامعتك أو منزلك في حال كنت ِ ربة منزل , وإلا كيف سيتأكدون من صحة المعلومات في الخانة المخصصة لذلك ؟
ولا مانع من كتابة سيرة ذاتية قد تغنيك عن الإجابة على أسئلتهم الباردة ! ولا تنسي أيضا إحضار مخدة وغطاء لقضاء وقت مريح و أنت تجلسين في القسم النسائي ذي المقاعد المعدنية التي هي أحد مسببات الإصابة بالكساح ( على كِـبَر ) لحماية عظامك التي قد تتأثر من البقاء جالسة لساعات وساعات , و العودة لمتابعة مستجدات معاملتك أيام و أيام , و قضاء معظم إجازتك الصيفية هناك ...
و في حال كان المكان مزدحماً , لا مانع أيضا من الوقوف بجوار الباب الخارجي وأنتِ تحملين في يدكِ مظلة تقيكِ ضربة شمس محتملة ..
وقبل هذا كله لا تنسي أن تطلبي من ( معرّفكِ ) أن يسارع بالذهاب إلى قسم الرجال ليناضل للحصول على رقم قبل إطلاق جملتهم المعتادة : يا خوي خلصت الأرقام .. راجعنا بكرة !
و في حال كان الحظ حليفه و استطاع الحصول على رقم تسلسلي ليأخذ مكانه في الطابور , جربي استغلال وقتكِ بالدعاء أن تسير معاملتكم وتتقدم في أمان دون أن يعرقل مرورها أحد الموظفين صاحب المزاج السيئ الذي قد يقول مثلا : هل تريدون استخراج بطاقة أحوال للأخت ؟ و ما صلة قرابتك بها ؟ و ما الضرورة التي دعتكم إلى التفكير في استخراج البطاقة ؟ ثم إن جواز سفرها غير كافٍ للتعرف على هويتها - غريب أن يكون جواز سفرك هو هويتك في جميع بقاع الأرض عدا في بلدك !-
فيطلب هذا الموظف كرت العائلة ويشرع في ( فصفصته ) ليبحث عن مستمسك : من أي مدينة قمتم بإصدار هذا الكرت ؟ إني أشك في أمره .. سنرسله لذات المدينة التي تم استخراجه منها لنتأكد من صحة المعلومات الواردة به وراجعنا بعد شهر!
بينما زميلك المواطن في الجهة الأخرى الذي هو الآخر يقوم بذات الإجراءات الخاصة باستخراج بطاقة هوية لأخته أو ابنته أو زوجته لم يمر فيما مررت به من تعقيدات واستجوابات , لمجرد أن الموظف الذي صادف أن استلم معاملته كان رجلا يهوى التيسير على الناس وتسهيل أمورهم ! , أما الموظف الذي وقعت معاملتك تحت سلطته غاضب حانق إما لمشكلة ما حدثت معه في المنزل , أو ربما ازدحام مروري صادفه قبل وصوله إلى مقر عمله , أو قد يكون خسر في البورصة اليوم الفائت !
مع العلم بأننا جميعا قد نتعرض لمثل هذه المواقف , ولو تصرفنا كما تتصرف هذه الفئة الخاضعة لأهوائها لانقلبت الدوائر الحكومية إلى ساحات قتال , وخصوصا إذا كنت في أحوال الرياض , ذلك المبنى المتهالك والوحيد الذي يخدم مايفوق الـ 6 مليون نسمة !