[align=justify]
ليلى ..
بقلم .. دانيـال
كوني قويه كي تجابهي متاعب الحياه ومصائبها..
اجعلي مشاعركِ تجري كالماء ولا تحبسيها..
كوني لطيفه مع الجميع..
صحت ليلى ذات الواحد والعشرين ربيعاً من فراشها بأحد البنايات القديمة على كلمات أمها وهي تلقناها أخر نصائحها حين كانت تحتضر بأحد مستشفيات العاصمة قبل 5 أعوام نظرت إلى الساعة المعلقة أمامها على الجدار حيث كان تشير عقاربها إلى الـ 6:20 دقيقة صباحاً.
أشاحت بعينيها الى الشرفة التي كانت موجوده بغرفتها يمنه تنظر إلى أشعة الشمس وهي تحاول الولوج إليها من بين تلك الستائر، كانت أحب لحظاتها أن تقوم صباح أيام العطلة حين يكون الجميع يغطون في سباتاً عميق ويكون المكان قد سكنه الهدوء والطمأنينة مما كان يزعجه كل صباح أصوات السيارات، صياح المارة، رائحة الدخان إلى أخر القائمة.
أخذت عدة أفكار تجول في خاطرها وهي تسحب جسدها خارج السرير حيث قامت بترديد جمله كانت قد خطرت في بالها (إن الحياه ماهي الا بؤس وشقاء وأما العالم الأخر ما هو الا مجهول لم يفك لغزه ويصعب على الجميع حله).
بعد أن قامت بالاستحمام لتنعش جسمها الخامل بعد النوم، وهي في طريقها لمطبخها الصغير التقطت قارورة صغيره من عطر الياسمين ورشت قليلاً منه في الهواء قامت بملاحقة تلك الحبات المتطايرة بأنفها لتشمه وتتذكر أمها لأنه كان المفضل لديها.
وبعد أن أعدت قهوتها الخاصة أقبلت حاثتاَ خطاها نحو الشرفة تسير بلهفة، لتستمتع بما بقي من لحظات في ذلك الصباح أشاحت بيدها الستائر التي كانت تغطي الباب ممسكه بيدها الأخرى القهوة الساخنة وما هي الا لحظات حتى اغشتها أشعة الشمس بنورها وكأنها تحتضنها بشوق.
أخذت ليلى عدة شهقات عميقه لتشبع رئتيها وخلايا دمها من ذلك الأكسجين النقي، جالت بعينيها يمنه ويسره تمسح المباني والشوارع بعد أن أمسكت بسياج حديدي قصير كان أمامها. فكانت كما عهدتها خاليه إلا قطه صغيره كانت قد اخذت أحدى زوايا المباني مستقراً لها.
أخذت عدة نسمات من الهواء تحرك خصلات شعرها فيما أحست ببعض البرد حينها تذكرت أنها تمسك بكوب قهوه ساخن يكاد ان يبرد، فأخذت تشرب منه بعد أن جلست على كرسي من الخشب كانت قد وضعته في وقت قد مضى هناك مع طاولة صغيره يكسوها بعضاً من التراب جرى الأعاصير التي كانت تهب على تلك المدينة بين الفينه والأخرى.
أخذت تنظر إلى المباني المكتظة أمامها بتأمل تعلم في قرارة نفسها بأنها مليئة بالأجساد، تعلم بأنهم كثره وليسوا بقله حين تذكرت أنها قراءة في أحدى الصحف أخر إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة تقول فيه بأن عدد الأفراد الذين يعيشون على سطح الكره الأرضية أكثر من 7 بليون فرد.
غاصت ليلى حينها في تفكير عميق كانت قد هيئت نفسها له بعد ان أحضرت معطفاً ثقيلا تغطي به ذراعيها العاريتين بعد أن أحست ببرودة الجو. كانت تشعر بالحماسة وأنها متفردة عن الأخرين في هذا المجال كانت تخلق عالمها الخاص بدون حدود أو قيود لجميع الأشياء.
يكون شعور البؤس والشقاء أحياناً جميل وأفي أغلب الأحيان يجعلنا نقتل أنفسنا في اليوم ألف مره خصوصا إذا تعمقنا في التفكير فيما حولنا ومن هم على شاكلتنا من البشر. أتخيل نفسي أسير مع الـ7 بليون شخص في ساحة كبيره ذلك الكم الكبير من الأجساد، نتشارك في اللحم والدم والعرق والسلالة لنا نفس الأشكال والعيون كلنا نبحث عن غاياتنا نجهل ما في الغيب ونعلم أننا هالكون كل ذلك وما الفائدة حتى عند موتنا ما الفائدة، ماهي الفائدة من الوجود والعدم جلوسي هنا على الكرسي خداعي للغير وغايتي أن أكل أو أشرب أو أدفع إيجار غرفه بحثي وراء العمل من الصباح إلى المساء ؟! ألم يمل الجميع من هذا السيناريو أو يتملكهم التعب والنصب!
الحب ، الأمل ، الحياه ، الفضيلة ، الرذيلة ، الجمال ، البؤس ، التعاسة ، السعادة ، القبح ، اللطف كلها وأكثر سمات بنيناها معا ورموز نلقب بها بعضنا البعض. وحين أعيد التأمل في ذلك العدد الهائل من البشر في تلك الساحة أراء وكأننا نسير إلى حفره عميقه نعلم بأنها هناك ولاكن نستمر بالسير نحوها لنسقط جميعا غير مهتمين او مكترثين. لأننا أجساد بدون أروح تسكننا وعقول بلا أفكار ترشدنا نحو الصواب.
الواقع المرير الذي نعيشه كل يوم، أحداث تعيد دائما تكرار نفسها ونحن بلا شك لا نمل منها.
ولاكن بالنسبة لي جلوسي كل نهاية عطلة اسبوع واقع حتمي لابد لي التعايش معه.
دمتم بألف خير ..
[/align]