السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من خلال خبرتي و اهتمامي في تصنيع العطور و التي تجاوزت عشرة أعوام فقد اطلعت على بعض المواضيع المهتمة في تصنيع و بيع العطور و خاصة المركبة محلياً و المنتشرة في كثير من المنتديات،فلاحظت افتقارها إلى توضيح بعض الأمور المهمة و التي ترتكز عليها صناعة العطور ، طبعاً لا أتكلم عن خطوط الإنتاج و لكن حديثي سيكون موجه للمعامل الصغيرة و الأفراد.
و من هذا المنطلق أحبتت تقديم بعض النصائح المهمة لمن أراد التجارة أو تصنيع العطور و مساهمة في تشجيع من يجد في نفسه الميل لهذا المجال.
ملحوظة مهمة: هل يعلم المُقْدِم على هذا المجال أن المستشفيات امتلأت بالمرضى المصابين بالتليّف الكبدي و سرطان الجلد بسبب تهاون كثير من التجار ممن يبيع مواد مجهولة المصدر أو ربما يعلم المصدر و يعلم الضرر لكنه الجشع و الطمع جعله يضحي بأرواح و سعادة كثير من الناس.
و كثير من التجار يقوم بالمراوغة و مخادعة الكثير من المبتدئين عندما يسأله عن مواد تصنيع العطور محاولةً منه بيع المواد المضروبة بقيمة المواد السليمة و المصرحة ، و على سبيل المثال سألت أحد تجار الجملة إذا كان يوفر مذيب للعطور ، فقال عندي ، سألته ميثانول أو إيثانول ، تلعثم قليلاً ثم قال لحظة أتأكد ، أخرج دفتر بدأ يقلب صفحاته ثم قال ميثانول صحي ، قلت سبحان الله كيف يكون ميثانول و صحي في نفس الوقت ، قال هذا نوع تم تصنيعه للعطور فقط ، فقلت طيب المصدر ، فقال يقولون جنوب أفريقي ، فقلت اتق الله يجب التحري من المصدر و أخبرته أن هناك جمعيات إقيمت للتحذير من التهاون في استخدام الميثانول و أنه مخصص للصناعات الكيميائية فقط لكن لم أجد منه استجابة ، علماً أن كثير من الناس اعتمدوا هذا التاجر كمصدر للمواد الداخلة في تصنيع العطور.
هذا مثال بسيط يدل على أن أغلب التجار لا يبالي و لا يهتم و إنما همه جيبه فقط إلا ما رحم ربي .
أيضاً كثير من الزبائن، و هنا أتكلم عن الذين تعاملوا معي سواء في توفير المواد لهم أو تصنيع عطورهم ، أجد نفسي أبادرهم بتوضيح المنتج و مصادره لأني لا أجد منهم تساؤل و لا يبالون في المواد المكونة للعطر و لكن همهم الأكبر و الأعظم هو القيمة فقط و هم لا يعلمون أنهم يعرضون أنفسهم للخطر و هذا من أعظم الأسباب التي ساعدت على انتشار الغش ، فبعض الزبائن أشرح له المكونات و مصادرها و عندما أصل إلى السعر يقول و بكل بروود غيرك يبيع أرخص و عندما أسأله عن المكونات يقول لا أعلم و عندما أوضح الموقف يقول أهم شي عطر نبيعة و نكسب منه ، و نسي الأمانة في البيع و الشراء و نسي أن البركة في صدق النية و الحرص على البيع الحلال و الله المستعان.
فنصيحتي لمن أراد التصنيع أو التجارة فعليه أن يتقي الله أولاً و أن يتأكد من الآتي:
- المذيب: و هو الأهم اسأل عن نوعه و مصدره و شهادة التحليل من المختبر علماً أن له ثلاث مصادر:
الأول: جنوب أفريقي و هذا النوع متادول لدى أغلب تجار الجملة و هو خطير و مضر بالصحة و بعضهم يقول مذيب أصلي درجة أولى بدون توضيح المصدر و قيمته من 10 إلى 15 ريال.
الثاني: انجليزي و يستعمل على الملابس فقط و قيمته من 20 إلى 25 ريال .
الثالث: فرنسي و يعتبر آمن و صحي و يستخدم على البشرة و الملابس و يصنع منه معطر الجسم و لكن يجب التأكد من مصدره و تحليل المختبر ، و قيمته من 20 إلى 50 ريال.
معلومة:
المذيب الصحي هو الكحول الإيثيلي الطبيعي ( إيثانول ).
المذيب الضار و الخطير هو الكحول المثيلي الكيميائي ( ميثانول ).
- الزيت العطري الخام: يجب التأكد من نوع الزيت العطري و مصدره، و الغالب في السوق فرنسي أو انجليزي لكن انتشر في الآونة الأخيرة زيوت صينية ، لم أجربها و لكن حذر منها كثير من الخبراء المختصين في الصناعات الكيميائية.
- المثبتات : كثير من الناس يظن أن المثب مهمته تثبيت العطر على الملابس ، فتجد من يركب العطور يضع المثبت بكميات كبيرة و بالتالي لا توجد نتيجة تذكر ، و حقيقة الأمر أن المثبت مهمته مزج العطر مع المذيب بحيث تتداخل الجزيئات مع بعض و ينتج مادة واحدة متجانسة و هي المادة العطرية التي تستطيع تمييز رائحتها ، بعكس بعض العطور تجد رائحته مبهمة ، و عادة تكون كمية المثبت من 1 مل إلى 3 مل على حسب كمية العطر ، و للمعلومية فإن زيادة كمية المثبت تسبب تحسسات في الجهاز
التنفسي ربما تصل إلى درجة الإصابة بالأمراض المزمنة.
- زجاجات العطور ( القوارير ): بعض من يعملون في مجال تعبئة العطور لا يبالي في مسألة التنظيف و التعقيم و هذه من الأمور المهددة لصحة الإنسان ، لأن القارورة تكون ممتلئة بالشوائب و غالباً نجد زجاج مطحون بداخلها و بعض المواد الكيميائية، فيجب على المصنِّع الحرص و الاهتمام لأنه سيكون أول المتضررين.
هذه بعض النصائح أحببت توجيهها للبائعين و المصنعين عامة و المشتري خاصة ، و أقول المشتري لأنه سيكون الضحية في حالة الغش.
اسأل الله سبحانه للجميع التوفيق و السداد.
هذا و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد.