عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال..كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ،
( رفعت الأقلام وجفت الصحف )
____________________
شرح الحديث
____________________
• (احفظ الله يحفظك)
هذه كلمة عظيمة تعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه،
وكذلك بأن تتعلم من دينه ما تقوم به عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عزّ وجل،واحفظ الله يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانه،
وأهم هذه الأشياء هو أن يحفظك في دينك ويسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله عزّ وجل هدى
(والذين اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)
____________________
• (احفظ الله تجده تجاهك)
تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه ويذود عنك كل شر ولا سيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان إذا استعان بالله عزّ وجل وتوكل عليه كان الله حسبه ولا يحتاج إلى أحد بعد الله قال تعالى..
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
____________________
•( وإذا استعنت فاستعن بالله)
فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب العون إلا من الله عزّ وجل، لأنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض،
وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت الاستعانة بالله وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوق فيما يقدر عليه فاعتقد أنه سبب، وأن الله هو الذي سخره لك،
والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسر لك العون سواء كان بأسباب معلومة أو غير معلومة،فيدفع عنك من الشر ما لا طاقة لأحد به،وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك حتى يعينك، ولكن مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عزّ وجل،
____________________
• (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك)
وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله عزّ وجل،ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل،
____________________
• (وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك)
وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره،
____________________
• (رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ)
يعني أن ما كتبه الله عزّ وجل،قد انتهى،فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله،
وهو كنايةٌ عن تقدُّم كتابة المقادير كلِّها،والفراغ منها من أمدٍ بعيد،فإن الكتاب إذا فرغ من كتابته،ورفعت الأقلام عنه،وطال عهده،فقد رُفعت عنه الأقلام ،وجفتِ الأقلام التي كتب بها مِنْ مدادها،وجفت الصَّحيفة التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها
• قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله،
وهو مُتعلِّق بِما قدّره الله عز وجل على الإنسان،فيكون مُطمئنا أنه لا يُصيبه إلاّ ما كَتَب الله له
• وهذا كقوله تعالى(قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ)