أفضل الحوارات التي أخوضها هي تلك التي تكون بيني وبين ( نفسي ) فلا يوجد إنسان يستطيع قراءة النوايا التي تسكن قلبي أكثر مني , فربما تصدر مني أفعالاً سيئة لكن يوجد خلفها نوايا طيبة , لذلك أنا أفضل العزلة من حين لآخر .
عندما أنفرد بنفسي أرى ما حققته , وما سأحققه , وللأسف في كل مرة اجلس مع نفسي أكتشف بأنها كثيرة التذمر , وتريد الوصول للقمة في كل ( شيء ) دون أدراك منها بأن كل منا ميزه الله بمواهب مختلفة , فهذا يتميز بالرسم , وذاك بالحساب ... نفسي تعلم بأن هناك مواهب تُخلق مع الأفراد , و أن هناك مواهب موجودة على قارعة الطريق ويفترض بالمجتهدين بأن يحصلوا عليها , ونفسي تعلم أيضا بأن الأمور المكتسبة تزول فور إهمالنا لها , وأن النفس البشرية لا تقنع بما اكتسبت , فربما نجدها تخسر أو تكتسب , لا توجد نفس ( قنوعة ) نفسي تدرك ذلك تماما .
من القواعد التي ترتكز عليها نفسي واختلفت عدة مرات معها على ضوء ذلك , تلك القاعدة التي غالبا ً ما يستند عليها الفاشلون والتي تقول : إذا شعرت بأني سأخسر أي تجربة قبل خوضها اقوم بتسليط الضوء على سلبياتها , عندما أكون صريحا مع نفسي وأخبرها بأن هذه القواعد لا يستند عليها سوى الانهزاميين ترد بكل تبجح : يا سيف أي أمر لا يحتمل الانتصار( وحده ) يفترض بنا تجنبه , لأن الهزيمة كالثعابين تحضننا لكنها تقتلنا , دون أن تعلم نفسي بأن توقع الفشل يخفف من حدة صفعته , وأنه من دون الفشل لن يتمكن أحد من النجاح , فالنجاح الذي يتبع أي فشل غالبا ما يكون مكتمل .
عندما ترى الإبداع يتدفق منك , لكن هذا الإبداع لا يراه غيرك , لا تنشغل بمحاولة إظهار إبداعك للآخرين , لان ذلك سيفقدك بلا أدنى شك ( إبداعك ) وربما يفقدك نفسك , فمن يشعر بالظلم سيصنع من نفسه أسطورة لا تكف عن البكاء , ولن يشاهده الآخرين الا من الزاوية التي تثبت بأنه فاشل , و اتبع نصيحة الروائي البرازيلي التي تقول : لا تدع أي شخص يجعلك تشعر بأنك لا تستحق ما تريد .
يوجد من يريد أن يكون مشهورا ً حتى وان لم يكن يملك ما يؤهله للحصول على ذلك , وفي نهاية الأمر يتوقف عن تفعيل نقاط القوة التي يملكها , فيبيع مبادئه , ويستغني عن ( إنسانيته ) مقابل شهرة سلبية , ويوجد من يعتقد بأنه قد لامس الذكاء عندما يكون عذره : أخالف الناس بأمر قد اتفقوا عليه وبعد أن اجعلهم قريبين مني أسير بنفس اتجاههم .
نفسي ترى بأن بأنها تستحق أن تكون ( مشهورة ) وهاجس الشهرة يطاردها من حين لآخر , وأنا لن اسمح لنفسي بأن تضيع مني , فضريبة الشهرة الأولى من وجهة نظري هي الانقياد لآراء الجماهير , وتعظيم أي خطأ يصدر من ( المشهور ) ومحاولة تعطير الأخطاء ليغفرها الآخرين , يا نفسي أريدك أن تعلمي بأن الأخطاء الغير متعمدة ( لذيذة ) المذاق فمن خلال الأخطاء ستكتشف المخطئ كم من النجاحات قد حقق .
حقيقة لم أعد أثق بنفسي فهي أنانية جدا ً وتعتقد بأنها عظيمة , دون أن تدرك بأن العظمة تُكتسب و عظمة المرء الكبرى لا تكمن في القدرة على عدم السقوط , بل في النهوض بعد كل سقطة. كما يقول كونفوشيوس .
عند متابعتي القريبة لنفسي وجدتها قريبة من كل المجالات ولم أجدها قد عملت على اقتحام هذه المجالات , كل ما أراها تقوم به هو الانتقاد الذي تهدف من خلاله لكبسلة ( فشلها ) وأنا أقع بحرج شديد عند محاولتي لإصلاح ما أفسدته , لكني أدركت مؤخرا ً بأن الإنسان بحاجة بأن يجعل طموحه يوازي إمكانياته , وهذا ما أقنعت نفسي به واتفقنا على العمل ولا غير العمل .
سيف المطيري