عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 15-08-2014, 08:40 PM
الصورة الرمزية أبراهيم يحيى
أبراهيم يحيى أبراهيم يحيى غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: الرياض
المشاركات: 145
معدل تقييم المستوى: 6799
أبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداعأبراهيم يحيى محترف الإبداع
كيف اكتشف ذاتي وقدراتي الكامنه؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤال مُوجَز لكنَّه رائِع، ولا يدلُّ إلاَّ على شخصيَّة واعِيَة ناضِجَة، تحبُّ الخير وتحرِص على تحقيق الفائدة لها.

الله - عزَّ وجلَّ - يقول في محكم التنزيل: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

كم أتمنَّى أن يقرَأَها كلُّ مسلم ويَعِيها على وجهها الصحيح!

عندما نُوجِّه السؤال المُعتَاد إلى بعض المسلمين: ما هدفكَ في الحياة؟
يقول أمثلُهم طريقةَ: أنْ أعبُد الله.

والبقيَّة قد لا تتمكَّن من الإجابة، أو تُعطيكِ إجابةً لا تختلِف كثيرًا عن العَدَم:
• أن أقوم بواجبي.
• أن أعيش في سلام.
• أن أستمتع بالحياة.
• أن أربِّي أبنائي.

وغيرها من الإجابات التي تدلُّ على قصورٍ في أفهامنا، وتدنٍّ في طموحاتنا.

الله - تعالى - خلَقَنا وجعَلَ لنا كلَّ السُّبُل لتحقيق عمارة الأرض؛ ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]، خلق لنا سمعًا وبصرًا وأفئدة؛ ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، ثم ماذا جعل لنا مع كلِّ هذا؟

خلق فينا شيئًا صغيرًا لا يمثِّل أكثر من 2% من وزن الجسد، ولكن به ما يقارب تريليون خليَّة عصبيَّة، بالإضافة إلى أضعاف ذلك العدد من الرَّوابِط بين هذه الخلايا لنقل المعلومات.

نعم، هو (المـخُّ)، تأمَّلي في إتقان صنع جهاز الحاسب وقدرته الفائقة على تزويدنا بما نشاء من معلومات، وغيرها من الإمكانات الهائلة في ذلك الجهاز العجيب، مَن الذي صنَعَه؟

لا شكَّ أن صانِع هذا الإبداع لديه من الإبداع أضعاف أضعاف ما صنع.

أولاً: قد بدأتِ بالخطوة الأولى بالفعل؛ وهي أن تعلمي علمَ اليقين أن الله قد وهبَكِ من القدرات ما يؤهِّلكِ لإنجاز ما كنتِ تظنِّينه في السابق مستحيلاً.

لتتمكَّني من استخدام قدراتك الكامنة لا بُدَّ من التعرُّف عليها بشكلٍ أكبر، ما الذي سأستفيده من اكتشاف ذاتي؟

كخطوة أولى أنصحُكِ بالقراءة حول القدرات الكامِنَة لدينا، وما أودعه الله - سبحانه وتعالى - فينا من طاقات وإمكانات، وأنصحك بالاطِّلاع على كتب (توني بوزان)، وأَخْذ جولة معها للتعرُّف على الخرائط الذهنيَّة وقدرات العقل البشري الرَّهِيبة، والتعرُّف على إمكانات عجيبة نختزنها في أجسادنا ولا نُولِيها العناية الكافية.

ثانيًا: الاستشارة وطلب الرأي من أصحاب الخبرة.

وقد فعلتِ أيضًا جزءًا من هذه الخطوة، ولإتمامها قومي بعمل فحصٍ لذاتك، أو رحلة داخل ذاتك.

كلٌّ منَّا لديه مواهب أو قدرات تختَلِف عن غيره.

تأمَّلي حياتكِ الماضية واستعرِضِي خبراتكِ السابقة، بما أنك لم تعطِنا أيَّة معلومات عن حياتِك، فلتقومي بهذا العمل؛ بالتأمُّل في ماضيكِ، وكتابة كلِّ نقطة إيجابيَّة فيه، وإن كان مجرَّد موقف عابِر استشعرتِ فيه قدرةً معيَّنةً، أو تفوُّقًا في مجالٍ ما، وعلى الفور قومِي بكتابة هذه المواقف أو الخبرات أو القدرات، ودَوِّني كلَّ ملاحظاتك الخاصَّة بكلِّ موقف.

على سبيل المثال:
(الشجاعة):
الموقف: تصرَّفت بشجاعة في موقف كذا، وفعلت أفعالاً تدلُّ على بسالة.


النتيجة: أنا أتمتَّع بقدر كبير من الشجاعة، وبإمكاني تنمِيَة هذا الجانب المشرِق في شخصيتي.

(السعادة):
الموقف: الله - تعالى - وهبَنِي الكثير من النِّعَم، أستشعِر ذلك في الكثير من مواقف حياتي؛ فقد استطعتُ التغلُّب على بعض مواقف الحزن بتذكُّر نِعَم الله، في حين استسلَم غيري للحزن والألم.

النتيجة: أنا إنسانة واعِيَة تستطيع أن تحوِّل الحزن إلى سعادة، وأن تصنع من الليمون شرابًا حلوًا.

بإمكانك أن تفعلي ذلك مع الكثير من الصفات؛ كالقوَّة، والذكاء، والقدرة على التحمُّل، ومواصلة العمل... وغيرها من الصفات الإيجابيَّة التي تكشِف لك الكثير من جوانب الخير في نفسِك، وفي كلِّ مرَّة تقومين بكتابة الموقف والنتيجة، إن ذلك يُتِيحُ لك فرصة التعرُّف على صفات رائعة في نفسك، والعمل على تنميتها وإثرائها، واكتشاف المواهب ومواطن الإبداع.

ثالثًا: لديكِ القدرة على التغلُّب على معظم العوائق - إن لم يكن جميعها - متى ما واجهتِ حياتَكِ بشكل مباشر.

وكبدايةٍ: عليك أن تتيقَّنِي أنه لا يمكن لأحدٍ أن يُحدِث في حياتك التغيير المرجوَّ أكثر منكِ؛ إذ لا أحد يعلم من نفسك ما لا تعلمين إلا الله خالقك - تعالى - وهو يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾[الرعد: 11].

لا تنتظري مَن يمدُّ إليكِ يد العون، لا تنتظري مَن يحرِّركِ من قُيُودكِ ويُطلِق سراحكِ، لا تأملي مَن يخلِّصكِ من مشكلاتكِ ويمنحكِ الدفعة اللازمة للانطلاق.

لا يستطيع فعل ذلك غيرك، فقط اعلمي هذا، وعلى أساسه تصرَّفي في كافَّة أمورك، اتفقنا؟!

رابعًا: وازِني بين تقبُّل ذاتك بما فيها من عيوب وبين إصلاحها.

وذلك بأن تحصري جهودك في البحث عن أفضل ما لديكِ، وعدم الانشغال بما لدى الناس، أنتِ كغيركِ من الناس، بل أنت أفضل من كثيرٍ منهم.

ما الهدف من تقبُّل الذات؟
الهدف الرئيس هو أن نُنجِز أكثر، فمَن لا يتقبَّل ذاته لا يحقِّق أيَّ إنجاز أو نجاح في حياته، يقول (ديل كارنيجي): إنه في مطلع حياته قرَّر أن ينهج نهج بعض الناجحين ويفعل مثلما فعل تمامًا، يقول: "فحقَّقت فشلاً لم أتوقَّعْه"، ثم حاوَل أن يجرِّب الفكرة نفسَها في مجالٍ آخر، فكان الفشل أكبر، وبعد التفكير توصَّل للحلِّ، ولعله في قول الدكتور (جيمس جوردن): "إن مشكلة عدم استعداد الإنسان لتقبُّل نفسه قديمة قِدَم التاريخ، وهي السبب الرئيس وراء العديد من الأزمات والعُقَد النفسية".

ويقول الدكتور (ديفيد فيسكوت): "إن قبول الذات ليس مستحيلاً، إنه الحل الوحيد الذي نستطيع تحقيق التطوُّر من خلاله.

خامسًا: لا تنتظري من نفسِكِ الكمال، ولا تظنِّيه في غيرك، لماذا؟

• الطفل فقط هو مَن يظنُّ الكمال في أبويه أو مَن حوله من الكبار، أمَّا مَن يعلم من ذاته حقيقتَها ويتقبَّلها، لا ينتظر من نفسه الكمال.

• إن انتظار الكمال من شأنه أن يجعلنا نتراجَع إلى الوراء ونتأخَّر كلَّما تقدَّمنا؛ حيث لا نرضَى بإحراز أيِّ تقدُّم، ولا نسعد بتحقيق أيِّ نجاح؛ لأننا بذلك لن نصل أبدًا للمستوى الذي نرجوه، وسنبقى في تحسُّر مستمر.

• كونكِ غيرَ كامِلَة لا يعني أنك لست جديرة بالاحترام والثقة، ولا يعني أنك لا تملكين من القدرات ما يحقِّق لكِ أعلى درجات النجاح، ولكنه نجاح بشري!

سادسًا: لابُدَّ من الارتقاء المستمر.

ارتقِي كلَّ يوم ولو درجةً واحدةً على سُلَّم النجاح والتطوُّر، استفيدي من كلِّ يوم؛ وذلك بالحرص على تحصيل ما يمكنكِ تحصيله من علوم أو خبرات أو ثقافات، وسِّعِي نِطاق اطِّلاعك، واعلمي أنه غذاء الروح لا غنى عنه لكلِّ ذي عقل، خصِّصي وقتًا يوميًّا للمطالعة الحرَّة في جميع المجالات والفنون، والأفضل أن يكون لك منهجيَّة محدَّدة في القراءة:

1- خصِّصي مثلاً نصف ساعة أو أكثر للقراءة في المجالات الشرعية؛ فتخيَّري كتابًا فقهيًّا ميسَّرًا تستَزِيدِين منه معرفةً لدينك وعبادة الله على بصيرة؛ ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، أو القراءة في كتب التفاسير الموثوقة؛ كتفسير (السعدي) أو (زبدة التفاسير)، أو (الطبري) إن أردت التوسُّع.

2- خصِّصي وقتًا آخَر لمطالعة بعض الكتب العلمية فيما تُفَضِّلين من مجالات؛ كمجال التنميَة البشرية، ومن أفضل ما قرأت فيها: إدارة الوقت؛ للدكتور خالد الجريسي، "رتِّب حياتك"؛ للدكتور طارق السويدان، "استمتع بحياتك"؛ للدكتور محمد العريفي، وغيرها من الكتب النافعة التي بإمكانك البحث عنها في قسم التنمية البشرية بالمكتبات.

3- القراءة في أخبار العالم ومتابَعَة التطوُّر في كافَّة المجالات، ولو مجرَّد متابعة، وليس تعمُّقًا.

4- اجعلي وقتًا أقلَّ للترويح عن النفس والقراءة في كتب الفكاهات أو الأدب اللطيف، وليكن هذا الوقت آخِر اليوم؛ حيث لا حاجة للتركيز وقوَّة الاستيعاب.

سابعًا: تجنَّبي الكسل وحارِبِيه بكلِّ السُّبُل.

كان من دعائه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهمَّ إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم...))؛ متفق عليه.

فالكسل من أشدِّ أعداء الإنسان الذي يضيِّع من عمره ما لو استغلَّه لحقَّق الكثير من النجاحات، فواجِهِي هذا العدو اللَّدُود بكلِّ سبب مثل:

1- الاستعانة بالله، والإكثار من هذا الدعاء.

2- تجديد النشاط بالطريقة التي تُناسِبك؛ كالمواظبة على بعض التمارِين، أو ممارَسَة رياضة المشي، أو احتساء بعض القهوة، لكن تجنَّبيها قبل النوم بأربع ساعات على الأقل.

3- أخْذ حمَّام بارِد عند الشعور بالفُتُور.

4- مطالعة بعض الأخبار أو القصص الشائقة، والتي تزيد من الحماس وتُضاعف الهمَّة.

ثامنًا: الاعتناء بالصحَّة والمحافظة عليها.

كان الإمام الفقيه (شهاب الدين أحمد بن الحسين الأصفهاني) وقد تجاوَز الثمانين من عمره يفعل ما لا يستطيعه الشباب، ويبدو عليه من القوَّة والقدرة على التحمُّل ما لا يُناسِب عمره، فلمَّا سُئِل عن ذلك قال: "أعضاء حفِظنَاها في الصِّغَر فحَفِظَها الله لنا في الكِبَر".

فمن المحافظة على الصحَّة البُعْدُ عن كلِّ ما يُغضِب الله، ومنها الاعتناء بالغذاء المتوازِن المتكامِل المحتوِي على المعادِن والفيتامينات اللازِمة للإنسان والمعِينة - بإذن الله - على تنشيط خلايا المخ وتجديد الدورة الدموية، وزيادة القدرة على الاستيعاب وحسن الفهم، وكم نجد بين أبناء الفصل الواحد - والذين يتلقون نفس طريقة التعلُّم - مَن يختلفون في درجات إدراكهم وتقبُّلهم للمعلومة اختلافًا بيِّنًا؛ ((فرُبَّ مُبلَّغ أَوْعَى من سامِع))، ولعلَّ من الأسباب طريقة التغذية.

أيضًا من الأمور المُعِينة على تحسين الصحَّة ممارَسَة الرياضة البدنية والعقلية.

تاسِعًا: تنمِيَة العلاقات الاجتماعية، والتعرُّف على كيفية التعامُل الأمثل مع الناس.

نحن جزءٌ لا يتجزَّأ من المجتمع الذي نعيش فيه، فلا يمكن أن نحقِّق النجاح في عالَم خاصٍّ بنا وحدنا بعيدًا عن جميع الناس.

• مُدِّي يدَ العون لِمَن حولَكِ، ولا تنتظرِي المقابل، وإنما عامِلةٌ بمبدأ: ﴿ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9].

• تقبَّلِي مَن حولَكِ وقدِّمي لهم النُّصْحَ اللَّطِيف، وعامِليهم بمودَّة بالِغَة: ((تبسُّمُكَ في وجه أخيكَ صدقةٌ)).

• تعرَّفِي على أنماطهم الشخصية المختلفة؛ لتتمكَّني من معامَلَة كلِّ واحد على حسب ما يُناسِبه.

• أبرِزِي شخصيَّتك عند الحديث في جمعٍ من الناس، ولا تستَحِي من كلمة حقٍّ، وتعلَّمي فنَّ الحوار، واستفيدي من كلِّ خطأ.

• استفيدي من الأكثر خبرة منكِ، وإن كان أقلَّ سنًّا، وتواضَعِي بغير ذلٍّ.

عاشرًا: ضَعِي خُطَّة منهجية لما تَوَدِّين فعله.

والأفضل أن تضعي خُطَّة يومية، وخطَّة أخرى شهرية، وأخرى سنوية، وحدِّدي بدقَّة ما يمكنك عمله في العام المُقبِل - إن شاء الله - وأعدِّي له العُدَّة لتحقيقه، وتجنَّبي كثرة التردُّد؛ فالسَّيْرُ في الطريق العشوائي لا يؤدِّي إلى النجاح.

أخيـرًا:
يقول ابن القيم - رحمه الله - في "مدارِج السالكين": "لو توكَّل العبد على الله حقَّ توكُّله في إزالة جبلٍ عن مكانه وكان مأمورًا بإزالته، لأَزالَه".

رد مع اقتباس