شعبٌ , لا يسعده شيء
..!
سئمتُ تكرار الوجوه ( الطفشانة ) و سئمتُ الملل المرتسم على وجوهٍ بلا ملامح , و سئمتُ الكآبة أيضاً ..
ما وجّهتُ وجهي إلى قِبلة , إلاّ و وجدتُ متذمّراً
...!
من أيّ شيء , و من كلّ شيء , و من لا شيء ..!!
حتى صار بداخل كل روح منّا ( النّفس الأمّارة بالطفش )
..
يعمل طفشان
يستريح طفشان
يأكل طفشان
يلهو طفشان
في قلب السعادة تجد ( الطفشانين ) , يفسدون كل شيء
...!
كان الاسبوع الماضي من الأسابيع القليلة التي تمرّ ( بتعاسة ) , و لا أدنى سبب
!!
و الاسبوع الذي سبقه , كنتُ حائط المبكى , لكثير حتى اكتسبتُ منهم شيء من ( التبكبك )
...
لا أعرف لما لم ألحظ ذلك واقعيّاً إلاّ الاسبوع الماضي ..!
ربّما لولادة كلمة لم أحبذها يوماً بين مفرداتي , أو ربّما لظهور أعراض مشابهة لهذا الوباء
!
لا يدهشني الحزن , و لا تدهشني الكآبة , بقدر ما يدهشني الفنّ المُتقن في تفاصيل الكآبة و سردها و التمتع بزخرفة الحزن , حتى أخال أحدهم مصلوباً على شجرة الزقوم
..!!
حقيقة واقعة , أحدهم جاء من جولة أوروبيّة للتوّ , كل مُتع الحياة بين كفّيه , حتى الاستقرار العاطفي و الراحة النفسية , يتذمّر قبل السفر , و بعد العودة و لا سبب يستطيع به التنفيس عن نفسه و عنّا , ( و يفكنا من شره ) فقط كلمة ( طفش ) يتداولها لسانه
..!
الآخر , يتصل فجر الجمعة , يلطم و يولول , و يلوم كلّ العالم , أفتح معه محاولا المساعدة عدّة خيارات مُتاحة ..
و يغلق أمام كلّ خيار كل الأبواب المُشرعة , و بألف سبب مُقْنِع أو مُقنّع ( لا فرق ) , حتى آثر التقوقع في صومعته
..!
و صباح السبت , أجده ينطنط
>> مو مهم أهم شي تنطنط و أنا أخوك
و آخر , يقلق مضجعي برسم صورة كاملة عن مستقبله القريب ( المحطّم طبعا ) , و عن فشله التالي و دماره الشامل ..!
ببساطة قلتُ له : وش عرفك هذا كلّه ؟
قال : مدري , كذا
!
أحدهم ( فيما مضى ) , وجدته يحشر رأسه إلى جوار رأسي , و أنا أقرأ كتاباً , قبل بدء الامتحان بدقائق ..!
و بصدمة شديدة قال : من فين لك وقت تجيب كتاب و تقرأ ؟
فأجبت : و انت من فين لك وقت تذاكر ؟
قال : المذاكرة شي أساسي !
فقلت : ما يُطلق عليه أساسيات , متغيرات لا نتفق عليها
..
عاد يولول جانباً من خوفه من الامتحان , و من استفزاز هدوئي ( كما يقول )
.!
و في يوم , اتّخذتُ أساليب وقائية ..
أغلقتُ هاتفي , و أسدلتُ ستارة حجرتي ( خفت أشوف منتحر من الجيران
) , و فتحتُ جهازي و مسنجري , لعلّي أجد من الانشكاح نصيب ...
بحثتُ عن نكت , فلم أجد إلا ما اغبرّ حتى أصبت بالحساسية ..
فتحتُ مسنجري , وجدتُ رفيق قديم , قدم الانترنت ..
لا يحدثني إلاّ لأحد أمرين : كيف الحال و يلوذ بالصّمت , أو أنا حزين و يسهب و لا يوقفه سوى ( برب ) صلاة الفجر
!
احدى المرّات غزتني الكآبة اللحظية و انتابتني الوحده فمنزلنا فارغ من الأكشن و الأطفال و القطط , فاتصلتُ بـ مجموعة الكئيبين فرداً فرداً ...
كلّهم في شغلٍ فكهون , حتى أنّ أحدهم أخذ يقول لي اها اها اها ...
>> يعني اخلص علينا
..
.
.
.
مشاعر دفينة أحياناً , سلبية تافهة طبيعية لا جدال في ذلك ..
يحيلونها مركزاً يطّوّفون به ..
يصرّون على استعراضها , و مشاركتها لدى الآخرين ..
و نقل عدواها إليهم بدمٍ بارد ...
بُخَلاء بأيّ شعور إيجابي , كُرماء في بثّ الهموم , حتى التافه منها ..!
يشحذون ( الطبطبة ) , يبتغونها بأيّ هيئاتها ...!
.
.
أمّا أنا فقد سئمتُ منهم و فقدتُ متعتي بالحياة , سأبكي , ثمّ ( أنطّ ) من نافذتي ...
الوداع

مُستحيل ..