كثيراً منا ما تواحهه أزمات متنوعة ومستمرة, منها ما يتعلق بنفسه ومنها ما يتعلق بغيره كالمرض والفقر والبطالة وفقدان الأموال والأهل وفقدان الأمن والظلم وغيرها من الأمور الكثيرة, والتي يعاني منها إخواننا المسلمون خاصةً في زماننا من قتل وتشريد وتدمير وسجن وتمثيل وبلاء عظيم وفتن تذهب بالعقول وتفطر الأفئدة والقلوب .فلذلك جاء هذا السؤال الهام كيف نواجه هذه المصائب والفتن ؟ وما هي الأدوات الصحيحة لنجاح المواجهه؟
والإجابة عليه جاءت في سورة البقرة ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153). وفي الإيات التي تلتها كانت تفضيل لهذه الإبتلاءات كما في قوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(155-157).
فذكرت الإبتلاءات والفتن كما أشرنا , وذكرت قبلها أدوات المواجهة وهي الإيمان بالله عز وجل, ومن مقتضيات الإيمان القناعة والتسليم والرضا بقضاء الله وقدره, ثم أدوات الإستعانة بالصبر والصلاة, فهما السبيلان الى النجاة من هذه الفتن والفوز بالدرجات ونيل الحب والمعية والرحمة من الخالق المدبر الحكيم العليم .
فالصلاة يعلم فضلها المؤمنون وأهميتها في حياة المؤمن عظيمة, فبها الراحة والسكون ومغفرة الذنوب ورفع الدرجات وبها قرة عين المسلمين , فإذا جاءت المصيبة فإنها تحتاج الى ما يخفف حدتها ويقلل أثرها ويرجعها الى أصلها حتي يستطيع الإنسان أن يواجهها ويتخطاها فكانت الأداة الثانية وهي الصلاة مؤكدة لهذه الحالة النفسية والإيمانية, ثم تأتي مرحلة الصبر فيتأكد سكون وراحة الإنسان وطمعه للأجر بل وفرحه بالابتلاء واستعداده, لمعرفته معية الرحمن له وحبه للمؤمنين الصابرين, فكما يقول الحكماء قديمأ وعلماء الإدارة حديثًأً : بأن الإنسان ينبغي أن لا يتخذ قراراً وهو في حالة غضب أو انفصال للوعي أو متأثراً بشئ يؤثر على هدوئه وإتزانه حتي لا يقع في أمور قد تكون أشد خطراً او أسوأ تأثيراً من المصيبة ذاتها أو الموقف الذي يواجهه الإنسان نتيجه عدم صبره وعدم أخذه بالوسائل الصحيحة للمواجهه واتخاذ القرارات السليمة.
وأيضاً ذكرت الآيه الأداة العملية القولية , وهي قول الإنسان وقت وقوع المصيبة "إنا لله وإنا إليه راجعون " ففيها بيان قولي وتذكير للعقل والقلب بأننا كلنا ملك لله عز وجل فما فقدناه منه وما نتمناه منه عزوجل,مما ترجعه الى قوة إيمانه واعترافه بأن أي مصيبة لن تكسره لأننا في دنيا الإمتحان ومرزعة الأخرة, وأننا مستخلفين في الأرض, ولسنا معمرين وأن الحياة كلها للخالق عز وجل وأننا ضعفاء إلا بالغستعانة به, وان مردنا إليه, فلماذا الحزن على فقدان شئ لا نملكه؟ ولماذا الإنكسار على ضياع ونصر وفرصة لن تدوم؟.
لا تنسونا من دعواتكم.
كاتب مستقل.