في الماضي كانوا يتشدقون لنا بأن العلم نور وسيجلب لنا المال، وأن مستقبلنا يتمحور حول مكانة علمك وتخصصك ومستواك العلمي. كانوا يختبرون مدى فهمنا وإستيعابنا للأمور سنوياً وأعطونا فرصة للتعلم. كانوا يسألوننا ماذا تريد أن تكون إذا كبرت؟ وكنا نعطيهم أحلامنا ونحن صغار ولا نعلم عن خفايا المستقبل كنا نعيش بلا هم أو مسؤولية ظناً منا أن هذه الدنيا كانت مجرد قصة سعيدة.
أقصى طموحنا كانت الخروج من المدرسة للقضاء يومنا باللهو غير مكترثين بأنباء الحاضر والماضي والمستقبل ومع تقدم العمر.. طموحنا وإصرارنا يزدادان، لأننا زرعنا بذرة الطموح بداخلنا منذ الصغر وسقيناها بإجتهادنا حتى إرتوت وإخضرت ونمت.
أصبحنا نعي الماضي والحاضر ونخطط للمستقبل لأننا أحسسنا بالمسؤولية، المسؤولية زرعت الحرص والرعب في أنفسنا فتكبدنا عناءها. فالذلك أكملنا مسيرتنا الدارسية لكي نصل إلى ما كنا نطمح إليه. كنت أرى فلان لم يستطع إكمال دراسته لظروفة الخاصة وفلان لم يحالفه الحظ للدخول الجامعي وفلان لم يكمل لأسباب مالية وهذا وذاك الخ.. كان قلبي يتفطر عليهم لأنني كنت أعلم بأن طموح طفولتهم لن تكتمل..
كلن تخصص على ما طمح به وأكمل طموحه، وبعضهم كان في حيرة في أمره وكان لا يعلم مالذي يَرسُو عليه فهم كانوا ضائعين حتى وجدوا ما ينتمون إليه. كلهم كانوا سعداء إلا من تخصص في الإقتصاد أو درس القليل منه فهم كانوا متشائمين ويعلمون عن أشياء لا يعلم بها الأخرون فهم كانوا مكتئبين بعض الشيء.
طلبوا العلم وإتجهدوا وأصبحوا متخصصين بشئون علمهم، مضت وإنقضت تلك السنون كسرعة الضوء وتخرج الشباب وكانوا فخورين بما صنعوا، فرحين ومسرورين.
كانوا جاهزين للعمل وخدمة هذا الوطن ولكن صعقهم الواقع عندما رأوا أن الشركات لا توظفهم إلا في خمسة محاور، ألا وهي:
1-مصفف أرفف
2-حارس
3-تسويق
4-سكريتير
5-خدمة عملاء
يضعوننا في المقدمة لإستقبال توبيخ وغضب وتذمر العامة من خدماتهم السيئة وبضاعتهم الرديئة لأنهم يخافون مواجهتهم لأنهم جبناء ولذلك فهم يضعون الضعفاء والمحتاجين في المقدمة لمواجهة هذا التوبيخ والغضب فيما يتراقصون فرحين في مكاتبهم مع الأجانب الذين وظفوهم بأزهد الأسعار.. يتضاحكون فيما بينهم بكل سرور ظناً بأن الله غافل عنهم وعن أفعالهم بل هم في غفلة بعد أن من الله عليهم بحفنة من المال..
أخوكم،
مواظب