يعدُّ الأكلُ الصحِّي جزءاً هاماً من الحفاظ على الصحَّة الجيِّدة، ويمكن أن يساعدَ الفردَ على الشُّعور بالعافية. وهو ليس بالأمر الصَّعب، فمن خِلال بعض النَّصائح البسيطة يمكن للشخص أن يبدأَ بنظام غِذائي صحِّي.
هناك مَدخلان رئيسيَّان للنظام الغذائي الصحِّي:
1. تَناوُل ما يكفي من السُّعرات الحراريَّة للنَّشاط الذي يقوم به الشخصُ وطبيعة مُجرَيات حياته، بحيث يحقِّق التوازنَ ما بين الطاقة التي يستهلكها أو يستعملها وتلك التي يحصل عليه؛ فإذا كان الشخصُ يأكل كثيراً، عندئذٍ سيُصاب بالسِّمنة أو البدانة أو زيادة الوزن. أمَّا إذا كان يأكل قليلاً، فسينقص وزنُه.
يَحتاج الرجلُ إلى 2500 سعرة حراريَّة وسطياً في اليوم، بينما تحتاج المرأةُ إلى 2000 سعرة حراريَّة وسطياً. ونقصد بمصطلح "وسطياً"، أي الشخص الذي يقوم بأعمال مألوفة خلال اليوم، حيث لا ينطبق ذلك على الأعمال المجهدة والرِّياضيين النَّشيطين والمرأة الحامل ... إلخ، حيث تختلف حاجة الإنسان إلى السُّعرات الحراريَّة حسب العمر والجنس وحالة النَّشاط لديه، فضلاً عن عوامل أخرى.
والسُّعرةُ الحراريَّة Calorie هي وحدة الطَّاقة في الطَّعام أو الشَّراب، وتُمثِّل الطَّاقةَ اللازمة لرفع درجة حرارة كيلو غرام واحد من الماء بمقدار درجة مئويَّة واحدة.
2. تَناوُل طيفٍ واسع من الأطعمة لضمان الحُصول على غذاءٍ متوازن وعلى تزويد الجسم بجميع العناصر المغذِّية التي يحتاج إليها. ولكن مع الاعتدال في كميِّة ما يتناوله الشخصُ من الطَّعام، وتَجنُّب الإفراط في الأكل.
تَشتمِلُ النَّصائحُ العمليَّة التَّالية على القواعد الأساسيَّة للأكل الصحِّي، ويمكن من خلالها أن يجعل الشخصُ خيارته الغذائيَّة أكثرَ منفعةً لصحَّته:
تَعتمدُ الوجباتُ الرَّئيسيَّة على الأطعمة النشويَّة، مثل الخبز (في مجتمعاتنا العربيَّة بشكلٍ خاص) والحبوب (الأرز والشَّعير والذرة والشُّوفان والحنطة ... إلخ) والبطاطس. ولكن يُفضَّلُ الاعتمادُ على الأنواع ذات الحبوب الكاملة ما أمكن ذلك، فهي تحتوي على الألياف، والتي تسهِّل عملية التغوُّط وتحول دون الإمساك ومشاكله وتُطيل شعورَ الإنسان بالشَّبع.
يعتقد بعضُ الناس أنَّ الأطعمةَ النشويَّة تسبِّب السمنةَ؛ ولكن بمقارنة غرام من النَّشويَّات مع غرام من الدُّهون، نلاحظ أنَّ غرامَ الدُّهون يحتوي ضعفي ما يحتويه غرامُ النَّشويات من السُّعرات الحراريَّة. ولكن عندما تجري إزالةُ القشرة من الحبوب وتنقيتها من غلافها، تقلُّ قيمتُها الغذائيَّة وتنقص بعض المعادِن والفيتامينات الموجودة فيها، مثل الاعتماد على الخبز الأبيض في الطعام وعلى الدَّقيق المكرَّر، فضلاً عن قلَّة الأَلياف التي تعدُّ ذات فائدة كبيرة للجهاز الهضمي. ومع ذلك، فإنَّ الإكثارَ من تناول النَّشويَّات قد يؤدِّي إلى السِّمنة.
الإكثار من الفواكه والخضروات، حيث يُوصى بتناول خمس قطع أو أجزاء من الأشكال المختلفة لها في اليوم، وتعادل القطعةُ أو الجزء حوالي 100 غرام (مثلاً، 100 غرام من البطِّيخ، ثلاث أو أربع حبَّات من المشمش، كوب من عصير الطَّماطم، 80 غراماً من الجزر، 90 غراماً من الملفوف أو القرنبيط، كوب صغير من توت العلِّيق، ... إلخ). ويعدُّ كوب من عصير الفواكه الطبيعي غير المُحلَّى جزءاً من هذه الأجزاء، وينطبق الشيءُ نفسه على الخضروات المطبوخة في كوب واحد. ويمكن أن تكون قطعةٌ من الموز حصَّة على طعام الإفطار. ولتسهيل الأمور نذكر مقادير الحصص من مختلف الأطعمة كما يلي:
حصَّةٌ من الحبوب تعادل كوباً منها.
حصَّةٌ من الفواكه تعادل نصفَ موزة أو تفاحَّة متوسِّطة أو 15 حبَّة من التين.
حصَّة من الخضروات تعادل جزرةً كاملة.
حصَّة من الألبان تعادل كوبَ حليب.
حصَّة من اللحم تُعادِل ربعَ صدر دجاجة أو قبضة يد كاملة في الوجبة.
الإكثار من السَّمَك كمصدرٍ جيِّد للبروتين، كما أنَّه يحتوي على الكثير من الفيتامينات والمعادِن. وينبغي العمل على تناول حصَّتين من السَّمك على الأقل في الأسبوع. يعدُّ السمك الدُّهني غنياً بدهون مفيدة تُدعى دهون الأوميغا3 omega-3 fats ، وهي تساعد على الوقاية من أمراض القلب. ويُفضَّل تَجنُّبُ السَّمك المعلَّب والمُدخَّن بسبب كثرة الملح فيه.
يضمُّ السمكُ الدهني السَّلمون والإسقمري والرَّنكة والتُّونا والسَّردين وغيره.
يجب تَجنُّبُ الدُّهون المُشبَعة والسكَّر أو التقليل منهما. نحن جميعاً نحتاج إلى الدُّهون في غذائنا، ولكن من المهمِّ اختيار الأنواع المفيدة؛ فهناك نوعان رئيسيَّان من الدُّهون: المشبَعة وغير المشبَعة. والدُّهونُ المشبَعة ضارَّة بالجسم، لأنَّها ترفع مستوى الكولستيرول في الدَّم، فتزيد من مخاطر أمراض القلب والسكتات الدِّماغية، وتُدعى دهوناً مُشبَعة لأنَّ ذرَّاتِ الكربون فيها مرتبطةً جميعها بذرَّات الهيدروجين. أمَّا الدُّهونُ غير المشبَعة ففيها بعض ذرَّات الكربون غير مشغولة بذرَّات الهيدروجين، وهذه الدُّهون أقلَّ توليداً للطَّاقة، أي أقلَّ احتواءً على السُّعرات الحراريَّة، وهي تساهم في خفض كولستيرول الدَّم وأمراض القلب والسَّكات الدِّماغية.
يمكن أن تؤدِّي الدُّهون المشبَعة (الزيوت اللمهدرجة) إلى زيادة مقدار الكولستيرول في الدَّم، وهذا ما يزيد احتمالَ الإصابة بأمراض القلب. وتوجد هذه الدُّهونُ في الكثير من الأطعمَة، مثل الكعك والفَطائر والبسكويت والحلويَّات بأنواعها والزبدة والنَّقانق. ولذلك يجب اختيار التوقُّف عن تناولها، والتحوُّل إلى الأطعمة التي تحتوي على الدُّهون غير المشبَعة مثل الزُّيوت النَّباتيَّة الغير مهدرجة والسمن اليلدي والسَّمك الدهني والأفوكادو.
يتناول معظمُ الناس الكثيرَ من السكَّر، وتكون الأطعمةُ والأشربة السكَّرية غنيةً بالسُّعرات الحراريَّة، وبذلك تُسهِم في زيادة الوزن. كما أنَّها قد تؤدِّي إلى تسوُّس الأسنان، لاسيَّما عندما تُؤكَل بين الوجبات. أمَّا السكَّرُ الموجود بشكلٍ طبيعي في بعض الأطعمة، مثل الفواكه والحليب، فلا يكون خطراً على الصحَّة.
التَّقليل من الملح؛ فالكثيرُ من الأطعمة التي نشتريها تحتوي عليه، مثل الخبز والمعجَّنات والصلصات والحساء. يؤدِّي الإكثارُ من الملح إلى رفع ضغط الدَّم، ويكون المُصابون بارتفاعِ ضغط الدَّم أكثر عُرضةً للإصابة بأمراض القلب أو السَّكتات الدِّماغيَّة.
الإكثار من النَّشاط والحركة والحفاظ على الوزن المثالي. يمارس الأكل الصحِّي دوراً هاماً في المحافظة على الوزن المثالي، والذي هو جزءٌ هام من الصحَّة العامَّة الجيِّدة. أمَّا زيادةُ الوزن فيمكن أن تؤدِّي إلى مشاكل صحِّية، مثل ارتفاع ضغط الدَّم وأمراض القلب ومرض السكَّري. كما أنَّ نقصَ الوزن لا ينسجم مع الصحَّة الجيِّدة. وحتى يستعيد الشخصُ الوزنَ الصحِّي، يجب أن يتجنَّبَ الطعمة الغنيَّة بالدُّهون والسكَّر، وأن يكثرَ من الفواكه والخضروات.
كما يساعد النشاطُ البدنِي على المحافظة على الوزن الصحِّي، ولا يعني ذلك قضاءَ ساعات من الزمن في التَّمارين، بل يكفي إيجاد طرق للحركة، مثل العودة إلى المنـزل مشياً على الأقدام وقضاء بعض الحوائج أو التسوُّق من دون سيَّارة، أو ما شابه ذلك. ويمكن بدلاً من ذلك ممارسة بعض التَّمارين لمدَّة نصف ساعة عدَّةَ مرَّات في الأسبوع.
تَجنُّب العطش. يحتاج الإنسان إلى نحو 1.2 لتر من السَّوائل يومياً حتى يبقى من دون تجفاف، بالإضافة إلى السَّوائل التي تأتي مع الطَّعام. ولكن يجب تجنُّب المشروبات الكحوليَّة والسكَّرية والفوَّارة والتي قد تكون غنيَّةً بالسعرات الحراريَّة وضارَّة بالأسنان. ويمكن أن يحتاجَ الشخصُ إلى المزيد من السَّوائل في الطقس الحارِّ أو بعد التَّمارين أو الجهد البدنِي.
المُحافَظة على وجبة الإفطار؛ فبعضُ الناس يحجمون على تناول طعام الفطور، معتقدين بأنَّه يساعد على إنقاص الوزن. ولكنَّ الدراسات تشير إلى أنَّ تناول الفطور يمكن أن يفيدَ في ضبط الوزن. كما أنَّ الفطورَ هو جزء هام من النِّظام الغذائي المتوازن، ويؤمِّن بعضَ الفيتامينات والمعادِن التي يحتاج إليها الجسمُ السليم.
يُفضَّل أن يتجنَّبَ الشخصُ وجبةَ العشاء، أو ألاَّ تكونَ آخر شيء يفعله قبل النوم. ولكن إذا تناول الشخصَ هذه الوجبة، فمن الأفضل أن يمشي بعدَها أو يقوم بنشاطٍ بدنِي ما؛ فالنومُ بعد وجبة العشاء بفترة قليلة يؤدِّي إلى تَخمُّر الطعام في القناة الهضميَّة أو بطء هضمه وتراكم الدُّهون في الدَّم والأعضاء. ويمكن أن يستعيضَ الشخصُ عن وجبة العشاء ببعض الحصص الخفيفَة من الفواكه.
منقول