حمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده … وبعد:
فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراً عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة عشر ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، وحث على العمل الصالح فيها؛ روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيـهـن من التـهـلـيل والتـكـبـير والتحميد . بل إن لله تعالى أقسم بها،
قال تعالى:( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر)
فأقسم تعالى بالفجر، الذي هو آخر الليل ومقدمةالنهار، لما في إدبار الليل وإقبال النهار، من الآيات الدالة على كمال قدرة اللهتعالى، وأنه وحده المدبر لجميع الأمور، الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويقع فيالفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر،وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة علىأيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
"والذي يظهر أن السبب في امتياز العشر من ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".