.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن كان هناك مداخلات فأرجو عدم كتابتها حتى أنهي الموضوع، حتى يكون الموضوع مترابط متصل بعضه ببعض ، ولا يتشتت فتضيع فائدته المقصودة منه .
.
ونبدأ مستعينين بالله الحكيم العليم الذي أتقن كل شيء :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أقصد في هذا الرد من يقول أن هذه الآية تحتمل أن تكون في الدنيا وفي يوم القيامة ويقف عند هذا الحد . فهذا لم يتكلف .
وإنما المقصود هم الذين ينفون حصول هذه الآية يوم القيامة ويجزمون أنها واقعة اليوم ويقصدون دوران الأرض ، فمثل هذا لا بد له من أن يتكلف !
وسأبدأ بأهم أمر عندهم ، وهو قولهم : أن هذه الآية وصفت حالة الجبال بالإتقان ، ويوم القيامة لا إتقان فيه أو لا يوصف بالإتقان !
وإذا قلنا أن موضع استدلالهم هو نفسه رد على هذا التكلف، فإننا لم نقل شطط من القول ، إذ أن معنى قولهم هذا، أن أحداث يوم القيامة عبث وفوضى لا حكمة من ورائها ! فكأن هذه الآية تقول لهم: لا تظنوا هذا الظن، فهناك حكمة مقصودة ، وليست هذه الأحداث من باب العبث !
فنسأل هذا القائل :
جاء في الآية ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) فهل ( كل شيء ) هنا عام يشمل جميع ما يفعله الله في ملكه بما في ذلك أحداث يوم القيامة ؟
فإن قال : نعم ، قلنا : الحمد لله بهذا يسقط هذا الاعتراض ، فحالة الجبال هذه إن كانت يوم القيامة فستكون داخلة في هذا العموم .
أما إن قال : لا. هذا عام أُريد به الخصوص ! فلا يشمل تلك الأحداث .
نسأله : ما معنى كلمة ( أتقن ) سيجيب : أحكم ، أحسن ، أبرم .... إلخ ... وكلها معان تدل على علم الفاعل .
فنقول له : إذًا نفهم من قولك ( أن يوم القيامة لا إتقان فيه أو لا يوصف بالإتقان ) ، أن الله سبحانه سيترك الأمور فوضى وعبث، ولن يُحسن ويُحكم أحداث هذا اليوم !
إذ أن الإحكام والإتقان أن يضع كل شيء في محله المناسب لتحصل به الحكمة المقصودة منه، فأحداث ذلك اليوم بما فيها رؤية الجبال بهذا المنظر، تحصل به حكمة، فيكون الفعل متقنًا .
ولا يُشترط أن نعلم ما الحكمة من فعل الله عز وجل ، ولكن نحن نؤمن بأن الله سبحانه لا يفعل شيئًا عبثًا فله حكمة في كل ما يفعله ، ولا تنس أن الإحكام والإتقان يستلزم علم الفاعل.
إن كان على منهج أهل السنة والجماعة سيقول : لا. لن تكون الأحداث فوضى وعبث ، بل هي مقدرة بتقدير العليم الخبير .
فنقول : الحمد لله ، فعل وتقدير العليم الخبير لا يكون إلا لحكمة وغاية فيكون في غاية الإتقان .
فتكون الآية رد على هؤلاء المتكلفين وبيان لهم أن الأمر ليس عبثًا وفوضى كما يظنون، بل كما نقل الألوسي واستحسنه :
وقال بعض المحققين: ............... النفخ في الصور وما ترتب عليه جميعا قصد به التنبيه على عظم شأن تلك الأفاعيل وتهويل أمرها والإيذان بأنها ليست بطريق إخلال نظام العالم وإفساد أحوال الكائنات بالكلية من غير أن يكون فيه حكمة بل هي من قبيل بدائع صنع الله تعالى المبنية على أساس الحكمة المستتبعة للغايات الجميلة التي لأجلها رتبت مقدمات الخلق ومبادئ الإبداع على الوجه المتين والنهج الرصين كما يعرب عنه قوله تعالى: الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أي أتقن خلقه وسواه على ما تقتضيه الحكمة اهـ، وحسنه ظاهر.
انتهى النقل
ثم إننا نقول : هل قولكم هذا خفي على أئمة المفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم ، ومن جاء بعدهم من أئمة البيان واللغة في التفسير من أئمة الهدى، ولم يلحظوا أن يوم القيامة يوم هدم وتخريب لا إتقان فيه كما تظنون ؟!!!
ولو كنت يا أيها القائل هذا القول لم تعلم عن مسألة دوران الأرض، هل كنت ستستشكل هذا الأمر ؟ أم أنك ستقول كما قال أئمة الهدى ؟
لنا لقاء بمشيئة الله .
<
.