لم أدرك أن تخصصي كان الخيار الخاطئ الذي لا يمكن تفاديه ليس لأنه سيء لكني لم أخرج منه بما كنت أطمح إليه
تعلمت أموراً قبل عصر الثورة الصناعية في إنجلترا ، أموراً لا تدرك العصر الذي نحن فيه ، أموراً كانت يجب أن تكون
بشكلٍ آخر ، كان تخصصي المحك والخيط الرفيع الذي ينادي العلماء بضرورة إعادة قراءته لأنه الملائم لكل زمانٍ ومكان،
كان الجميع في المدرج يُلقن بأنه لا صوت يعلو على ما يقال بينما أنا أعرف أن هنالك ثمة خطأ ، ثمة زمن مفقود في قسمي
وهو زمني الذي أنتمي إليه!
كان الوضع سيقبل لو أنني درست في جامعة الأزهر ، لكنني تخصصت في كلية التربية فخرجت بثقافة إسلامية ، غير معترف فيها
في قطاعات العمل الخاصة ، وفي بقية المجالات ، أصبح لدي طريقاً واحداً هو التعليم، لكن لا أحد ينتظرني في بقية القطاعات لأنني لا أتوافق ومطالب سوق العمل ! تخصصي الذي كرست نفسي له على مدى أربع سنوات لا تحتاجه الدولة ، لا يحتاجه سوى الطالبات ، لا أقلل من شأنهن بل أنا في الواقع أرى أن الطالبات أفضل ما يمكن استثماره ، لكنه الاستثمار البعيد ، الاستثمار الذي كُتب بخطة أخرى ، بنظرة أخرى ، أنا لا أمثل فيها سوى ناقل ! لا أمثل نفسي ، لا أمثل قناعاتي ، التي لا تعني بالضرورة رفض ما أعلمه إنما القناعات في الأولويات في الكيفية في الجدوى من أمرٍ ما في مرحلةٍ ما!
الاستثمار في الطالبات هو كذلك ، وأنا أريده أكثر ، أريده استثماراً في آليات التعليم في سياسة التعليم في نظام التعليم ، لذا في وقتٍ ما استسلمت بأنني سأكتفي بطالباتي ، لكنني في قائمة مفاضلة وزارة الخدمة المدنية ، أنتظر أن تتم المفاضلة بيني وبين أحلام فتاة أخرى ، صديقةٍ أخرى ، قريبةٍ أخرى .
وبالرغم من أنني لازلت لم أبرح موضعي مقدار شبر فإن تخصص الدراسات الإسلامية الذي لا تحتاجه الدولة كثيراً ولا يتوافق وسوق العمل لازال يوسع وبشكلٍ مضاعف مقاعد الدراسة ، فأين السياسة التعليمية يا مسئولون ، أم أن المفاضلة تبدو أسهل من التخطيط لمجابهة وجودنا.