عاصفة الإعلان !
حذف عادل الإعلان ،، أنشأ إعلانا جديدا و عدل في صياغته كما طلبت منه ، سألته أثناء ذلك :
- في رأيك ما هو السعر العادل لثلاجتنا ؟
- 600 ريال
قالها دون تفكير ،، هززت رأسي موافقا ،،
- ممتاز ،، هذا تقييم احترافي ،، لقد استفدت حقا من دورة (أسبوع القراءة )
عقد أصابعه و بدأ يعدد ميزات السلعة كتاجر يعرف قيمة البضاعة التي تحت يده :
- الثلاجة سليمة المظهر ، ماركة ممتازة ، نصف عمر ، لا توجد فيها عيوب ، متوسطة الحجم ، ،سعرها الأساسي 1400 ريال ، كتاجر علي أن أشتريها ب 300 و أن أبيعها بسعر يبدأ من 400 إلى 600
ابتسمت و أنا أنظر له بإعجاب ، فرفع حاجبيه و ابتسم ، أدرك أنه استرجع كبريائه المجروح بسبب تلك الفتاة .
***
بدأت الاتصالات في الانهمار ..
الاتصال الأول : 100 ريال
الاتصال الثاني : 50 ريال
الاتصال الثالث : 100 ريال
الاتصال الرابع : 70 ريال
الاتصال السادس : 80 ريال
الاتصال السابع : 100 ريال
الاتصال الثامن ،، التاسع …..الثلاثون ،، ……
أغلق عادل عينيه و فرك جبهته بعصبية ، وضع جواله على الطيران ،، التفت نحوي بوجه ذابل :
- يا رجل! .. لقد أصيب رأسي بالصداع .. إنه عذاب و ليست مفاوضات ، إن الجوال يرن دون توقف منذ ساعة كاملة !
-هل ترى هذا تنكيدا ؟
هز رأسه و هو يفكر ،، لم ينظر للمسألة من هذه الزاوية من قبل ،، قلت له :
- إنها سياسة ! ، يغرقونك بالاتصالات و بالمفاوضات التي لا تنتهي حتى تمل من مسألة البيع ، و الثلاجة ، و الجوال ، و من الحياة ، و تتمنى بيع الثلاجة بأسرع فرصة و بأي ثمن لتستعيد هدوءك و خصوصية جوالك .
- و لماذا ؟ لماذا كل هذا الخبث و التخطيط ؟
- لإجبارك على تقبل مستواهم السعري ..
- مستوى ؟
- ألم تلاحظ أن كل الاتصالات تدور حول نفس الملبغ ، سياسة أيضا !
ضيق عينيه و هو ينظر نحوي ،، كان يسجل كل شيء في رأسه ،، تلميذ نجيب ! ،، ابتسمت رغما عني :
-تبدو مجموعة الاتصالات غير مترابطة ، لكنهم في واقع الأمر مجموعة واحدة ، يهجمون بصورة متفق عليها ، يقنعونك بمستوى سعري مفترض للثلاجة ، في حالتنا هذه 100 ريال ،، و بعدما يؤدون مهمتهم سيأتيك الاتصال السحري من المنقذ البطل : أسوم الثلاجة ب 150 ،، هذا هو أفضل عرض و لن يأتي عرض مثله ، و ستقرر بيع الثلاجة ب 150 و أنت تشعر بلذة النصر عليهم دون أن تدري انك بعتها في واقع الأمر لهم -و بخسارة فادحة - و أنهم هم المنتصرون في نهاية المطاف !
صمت عادل ، شعر لأول مرة بالكراهية العميقة التي شعرت بها نحو جيراننا الطيبين الذين يستخدمون أساليب تجارية ملتوية من أجل شراء السلع المستخدمة بأبخس الأثمان ،، شعر بالعجز مثلي ، و بالغيظ ،، تمنى أن يستيقظ يوما ليجدهم قد اختفوا ،، لن يحدث ذلك للأسف ! ، صار محتما علينا أن نواجههم ، أن نخوض غمار التجارة ضدهم .
يتبع