الرهينة (جزء 2)
الشقة من الداخل حسنة التأثيث لكنها لم تكن حسنة السمعة، دب أبيض كبير، قلب أحمر من القطيفة، شموع، صورة جدارية عملاقة لفنانة أمريكية شهيرة بوضع غير مؤدب، و سرير ثنائي مفكوك بجواره على الأرض مكيفات الإسبليت ، لاحظت أن فلاتر التهوية لم تنظف منذ زمن طويل، ربما منذ شراء المكيفات،، قال بعصبية :
- المكيفات شغالة و أضمنها لك ،،
رغم وضع الشقة المشبوه إلا أنني تيقنت من صدقه، تردد صوت جرس فذهب إلى الباب و نظر من العين السحرية ثم عاد متجاهلا الزائر قائلا لي بعصبية أعلى :
- سننتظر لبضع دقائق ..
تردد صوت غاضب خارج الشقة و ضربٌ بقبضة اليد ، تركني و عاد للباب ، انساب صوت ساخط من خارج الشقة :
- معي صيدة ، لا تخرب علي ، افتح
-ادفع الإيجار
- ما عندي الآن ، لكن سأدفع لك كما وعدتك و الله سأ ..
قاطعه صارخا :
- انقلع ..كل شهر تعدني و تخلف وعدك ، سببت لي مشاكل مع صاحب العمارة ..
- افتح ..
- انقلع !!!
كنت في وسط النيران ، لا حيلة لي ، يبدو أنه لن يفتح الباب حتى ينصرف رفيقه ،، أخذ يدور في الشقة غاضبا ، يهمهم مع نفسه و يركل الأشياء ، صرت رهينة ، قلت له بابتسامة سخيفة :
- سأنصرف
- و البضاعة ؟
- آآآ .. سآخذها في وقت لاحق.. ربما
هتف بغضب عارم :
- و الله ما تطلع إلا بالبضاعة
سحب الوحدة الخارجية لمكيف الإسبليت على أرض الشقة فأطلق صريرا حادا ،، فتح الباب و دفع الوحدة خارجا ، ساعدته في إخراج الوحدتين المتبقية ، كدت أخرج المال قبل أن يندفع شاب أبيض طويل القامة أنيق الهيئة و يسد الطريق و يصيح في صاحبه :
- الأثاث أنا من اشتريته ، بأي حق تبيعه ؟
-أبيعه لأدفع إيجار الشهور التي لم تدفع حصتك منها حتى الآن ..
- سأدفع ..سأدفع !
قالها و هو يلوح بيده في وجه صاحبه الذي رد بعنف و هو يدفع يد صاحبه بعيدا :
- خلاص يا بطل ،، صاحب العمارة يريدنا أن نخرج و لن يجدد العقد .. خربت علينا كل شي !
اندفعت قدم صاحبه بسرعة لتسقط الوحدة الخارجية للمكيف ، و اندفعت قدمه الثانية لتسقط وحدة ثانية ، اشتبكا في صراع مرير ، صعد الحارس السوداني على صوت الضجيج بسرعة ، تدخل لفض الصراع فتدخلت معه ، خُلعت أزرار ثوبي و تلقيت لطمة على أنفي كادت تكسره ، تجمع رواد الشقق المجاورة و صار هرج و مرج ، سمعت الحارس السوداني يقول :
- أمرني صاحب العمارة أن لا تخرجوا الأثاث حتى تدفعوا الإيجارات المتأخرة.
نزلت من الدرج ، أمام مدخل العمارة سيارة بداخلها فتاة تنتظر ، سيطول انتظارها ! ، اتصلت على عادل ، هتفت به :
- أين أنت ، تعال بسرعة !
ظهر أخيرا فركبت معه و أنا أبدو بحال مزرية ، نظر لي بقلق :
- هل حدث لك مكروه ؟
- لا ، انطلق الآن لموقع الكنبة !
- و المكيفات ؟
- البقية في حياتك ، ماتت المكيفات ،، و الآن انطلق بسرعة ، أخرجنا من هذا المكان الموبوء !
الجزء القادم يوم الجمعة بإذن الله